abyat minal albi

Meh join....

Isnin, 7 Disember 2009

Khasidah Burdah Busiri.


شرح بردة البوصيري

الأستاذ محمد رضوان أحمد




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وبعد:

يقول الشارح الأستاذ محمد رضوان أحمد:









مقدمة شرح بُردة الأُستاذ البوصيري



الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الوجود. وشرفنا بإتباع صاحب الركوع والسجود. فكنا بهذه التبعية من الغُر المحجلين. شرفاً وتميزا لنا عن سائر الأمم يوم الدين. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين النبي الأمي القرشي الهاشمي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه التابعين أما بعد:

فقد اطلعت على شرح بردة الأستاذ البوصيري. للأستاذ الشيخ عبد الحميد حسين. فأعجبتني طريقته وسرني اختصاره غير أنني وجدت فيه إبهاما في العبارة لجنوحه إلى حسن التركيب وبلاغة التشبيه مما يعسر على البسطاء فهمه. ويبعد على قليل الإدراك علمه. فدفعني هذا إلى كتابة شرح سهل العبارة قريب المعنى بعيد عن التعطيل.

فشرعت في هذا الشرح مستمدا من الفيض الإلهي والعطف النبوي فجاء بحمد الله موافقا للمرام، دالا على أن مثلي مع ما به من عجز لا يكتبه إلا بالهام. والدليل على أن هذا الشرح كان بالهام انجازه في أوقات فراغي في يومين كاملين وبإحدى عيني رمَدٌ حُجبَ ضوئها مدة شهرين. والدليل على قبوله إن شاء الله عود الشفاء لعيني المريضة عقب الانتهاء من كتابته مع موافقة فراغي منها أذان عصر يوم الخميس الموافق 27 من رمضان سنة 1350 للهجرة بقول المؤذن الله أكبر الله أكبر. فكان فألاً حسناً وبشرى مُعجلة ولا شك عندي في أن هذا من توفيق الله ورعاية رسوله. جعله الله أثراً صالحاً وخلد ذكره كما خلد ذكر البردة بجاه الممدوح وبركة المادح حتى لا أُحرم من دعوة صالحة من فَم طاهر.

وقد اهتم بتصحيحه أخي في الله الأستاذ عبد الرزاق أفندي منصور، بلغه الله مراده وكافأه بالقبول والله تعالى أسأل أن لا يحرم أحداً ممن يعمل على نشره بين العباد من جزيل تعطف وعظيم عطيات وواسع رحماته آمين.



ترجمة الأستاذ محمد بن سعيد البوصيري رضي الله عنه



هو الإمام العلامة العارف بالله الصادق في محبة رسول الله. سيدي محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن عبد الله بن صنهاج بن هلال الصنهاجي (نسبة إلى صنهاجه بلدة ببلاد البربر بالمغرب الأقصى) كان أحد أبويه من دلاص والآخر من بوصير. وهما قريتان من قرى صعيد مصر فنسب إليهما فقيل له الدلاصيري ولكنه شُهر بعد ذلك بالبوصيري.

وكان مولده في الأولى ومرباه في الثانية. ولد رحمه الله بدلاص في أول شوال سنة 608 هجرية وتوفي سنة 695 ودفن بالإسكندرية فكان عمره حين وفاته 87 سنة. تعلم في صباه الكتابة والقراءة وحفظ القرءان الكريم وتلقى مبادئ العلوم وتدرج في علم الأدب والكتابة فبرز في الشعر والنثر تبريزا حببه إلى حكام مصر فولوه بعض الأعمال الكتابية في مديرية الشرقية ببلبيس وقد كان في أول عهده يسلك في شعره مسالك الشعراء من مدح وذم وشكوى. ولكنه في كهولته تزهد واتصل بالإمام الواصل العارف بالله سيدي أبي العباس أحمد بن عمر المرسي الأنصاري مريد سيدي عبد السلام بن مشيش الحسني فصفت نفسه وصلح أمره وخلص لعبادة ربه. وفُتحَ عليه في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم فمدحه بقصائد تزهو على شعر الفحول بالسهولة والجمال والجلال طار بها صيته وخلد بها ذكره.

فمنها البردة وهي (القصيدة الميمية) التي نحن بصدد شرحها والتي نظمها في علة أصابته فبريء منها بسببها إذ أنشدها على رسول الله في المنام فخلع عليه بردته الشريفة ومسح على جسده فعوفي لوقته ومنها الهمزية التي جمعت سيرة النبي مفصلة وغيرهما مما هو مشهورٌ معروف لدى الخاص والعام نفعنا الله بالممدوح والمادح في دار الدنيا ودار السلام... آمين.







مدخل





إن المحب الصادق في محبته لا يُسرُ بشيء، سروره بذكر محبوبه ولا يرتاح لحديث، راحته لمن يتحدث إليه في شأن من شؤون هذا المحبوب ولو كان هذا الحديث من فم ناصح أو لائم كما قال القائل:

أعد ذكر من أهوى ولو بملام **** فإن أحاديث الحبيب مُدامي

والأستاذ البوصيري محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم صادق في محبته. وشاعرٌ قوي الوجدان لا يضارعه غيره في شاعريته. أخذ قلمه وكتب يتغنى بذكر محبوبه الأعظم صلى الله عليه وسلم. ينوع الذكر فقال: وقد سالت دموعه وزاد لهيب شوقه يُسائل نفسه أو متصورا شخصاً يسأله عن داعي حزنه وبكائه. أمن تذكر الخ...



أمنْ تذكر جيرانٍ بذي سلمٍ *** مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بدمِ



أتذكرت أملك ومنتهى ما تصبو إليه نفسك بتلك الأماكن النائية التي عجزت عن الوصول إليها فبكيت هذا البكاء الحار الذي امتزج فيه دمعك بدمك؟



أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ *** وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضمِ





أم هبت الريح من جهة هذه الديار فشممت شذا أنفاس الحبيب. أومض البرق فذكرت بريق ثغر. فيه ماء حياتك ومنبع ارتوائك؟



فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتا *** وما لقلبك إن قلت استفق يهمِ





ما لك لا تجيب، أتظن أن سكوتك هذا يخفي ما عندك من حب. وإذا سلمنا أنك غير محب فما لعينيك أن زجرتهما عن البُكاء لا تكفان. وما لقلبك إن قلت له ارجع إلى طريق الهدى يعصك ويظل هيمان؟



أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتمٌ *** ما بين منسجم منه ومضْطَّرمِ



أحسبت أن حبك يخفى على الناس، وقد ظهر بهذا الدمع المُنسكب والقلب المُلتهب؟



لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ *** ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلمِ



لولا الهوى يا صاح لم ترق هذه الدموع ، ولا حُرمت لذيذ النوم لذكرى ديار نائية ليست لك بوطن، ولا كنت في واد وعقلك في واد.



فكيف تنكر حباً بعد ما شهدتْ *** به عليك عدول الدمع والسقمِ



فيا عجباً من إنكارك الحب، وقد شهد به عليك شاهد عدل إن أصررتَ على الكتمان، كان فيهما ما ينفي كل شك، هما الدمع والسقم، وفوق هذا لدينا حجة أُخرى، هي أن دمعك سبق سقمك، ولو سبق الضعف الدمع لتوهمنا أن الدمع نتيجة الألم، فما فائدة كتمانك وقد قامت عليك الحجة ولزمك الدليل؟.





وأثبت الوجد خطى عبرة وضنى *** مثل البَهار على خديك والعنم



وزيادة عن كلّ ما تقدم من أدلة فقد أكد لنا وجدَك علامتان محسوستان هما اصفرار وجهك واحمرار دمعك وهما من علامات العشاق، فأولى بك الاعتراف لعل الله الذي ابتلاك أن يهدينا إلى مداواتك بما يزيل علاتك.



نعم سرى طيف من أهوى فأرَّقني *** والحبُّ يعتَرضُ اللّذات بالألم





أما وقد ظهر حبي بما لا سبيل معه إلى الإنكار، فنعم يا صاح، سرى خيال حبيبي فنبهني من سبات الفكر فيه إلى يقظة الحرمان منه إذ فرحتُ بإقباله فأسرعت للقائه، فإذا أنا في مكاني وهو حيث أعلم فما أشأم عجلتي التي قطعت لذيذ أحلامي ولكن هي سنة الحب فإن من طبعه أن يقطع أسباب اللذات بسيف الألم، وهكذا كان معي إذ حرصت على التَّمتُّع بجماله، فحال بيني وبين خياله.



يا لائمي في الهوى العُذري معذرة *** مني إليك ولو أنصفت لم تَلُم



لما أقر بحبه أحس بخطئه في إذاعته سره فوجه معذرته إلى من يتوقع منه اللوم على الحب فقال يا لائمي في اعترافي بهواي البريء من كل شين إني أعتذر إليك فيما فرط مني. ولو أنصفتني ما وجهت إلي أي لوم.





عدتك حالي لا سرّي بمُستَتر *** عن الوُشاة ولا دائي بمُنحَسم



لأن سري قد أفشاه الدمع، ودائي لا دواء له إلا بالوَصل، وهو بعيد الحصول لعُلُو مقام المحبوب وبعد داره، فحالي تتطلب الرحمة.



محضتَني النُّصحَ لكنْ لستُ أسمعه *** إنَّ المُحبَ عن العُذّال في صَمَم



أنت أخلصت لي النصيحة إذ خطأتني في اعترافي بحبي، أو استرسالي في طريق هلاكي ، غير أنني مع علمي بحُسن نيتك أعتبر نُصحك عذلاً ما دام ينهاني عن التَّفوه بذكر من أحببت فلن اسمع لك لأنني محب وأُذُن المحب عن العُذال صمَّاء .



إنّي اتَّهَمْتُ نصيحَ الشَّيب في عَذل *** والشَّيبُ أبعدُ في نُصح عن التُّهَم



فلا يسؤك إعراضي عن نُصحك فقد اتهمت ما هو بعيد عن كل شبهة في نصيحة منك وهو الشيب فقد أنذرني بقرب الأجل وحثني على ترك الأمل ورغَّبني في صالح العمل فتماديت في الغرور ولازمت الشرور اعتمادا على أن الله غفور.





في التحذير من هوى النفس





فإنَّ أمَّارتي بِالسّوءِ ما اتَّعَظَتْ *** مِنْ جَهلِها بِنَذيرِ الشَّيْبِ والهَرَمِ



وماذا أصنع بنفسي التي تأمر بالشرّ وتنهى عن الخير حتى مع تذكيرها بالموت ببياض الشعر. وضعف الجسم والبصر.



ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعل الجَميلِ قِرى *** ضيْفٍ ألمَّ بِرأسي غيرَ مُحتَشِمِ



فها هي لم ترجع عن المحرمات، ولم تَرعَوِ لقرب الممات ولا أعدّت من فعل الخير والطاعة ما يليق بإكرام هذا الضيف الذي نزل برأسي بغير استئذان.



لو كنتُ أعلمُ أنّي ما أُوَقِّرُهُ *** كَتَمْتُ سِرّاً بدا لي منهُ بالكَتمِ



ولو كنت أعلم أنني سأهينه هذه الإهانة، ولا أحترمه بالإقبال على الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه لواريته عن العيون بالسواد احتراماً له وحفظاً لِكرامته، ولكنه عمي الشباب وضلال الغرور.



من لي بِردِّ جِمَاحٍٍ مِن غَوايَتِها *** كما يُرَدُّ جِماحُ الخَيْلِ باللُّجُمِ

فلا تَرُم بالمَعاصي كَسْرَ شَهْوَتِها *** إنَّ الطّعامَ يُقَوّي شَهوَةَ النَّهِمِ



فمن هذا الذي يرشدني إلى من يرد نفسي عن فيافي الظلم إلى حظيرة الهدى ولو استعمل في سبيل ذلك ما يستعمله الفارس في إزالة اعوجاج فرسه من العُنف والشِّدة. من هذا الذي يفعل ذلك حتى ألجأ إليه وألقي أزمتي بين يديه؟ أأتركها تهيم في وادي المعاصي حتى تسأمها فتعود إلى الطاعة مستعذبة موردها غير منحرفة عنها أمّاذا أفعل؟ ومن يضمن لي رجوعها والطعام يقوي شهوة الشره إلى الإكثار منه؟



والنُّفس كالطِّفلِ إن تُهملهُ شَبَّ على *** حُبِّ الرَّضاعِ وإن تَفطِمهُ ينفطِمِ



وما ذلك إلا لأن نفس الإنسان كالطفل الصغير إن أهملتَها سارت في طريق الشَّر الذي يُلائم طبعها وإن زجرتها ومنعتها امتنعت كما أنك إذا طاوعت الطفل كلما طلب الرضاع كبر وهو مُكِبٌّ عليه وإن فطمته انفطم ورجع.



فاصرِفْ هواها وحاذِر أن تُوَلّيَهُ *** إن الهوى ما تولَّى يُصْمِ أو يَصِمِ



فلا تُجِب طلباتها فمن سار وراء هوى نفسه هلك أو ضاع شرفه وكلاهما أمرٌ عظيم وخطبٌ جسيم.



وراعِها وهي في الأعمال سائمةٌ *** وإنْ هي استَحلَتِ المرعى فلا تسمِ



وكن معها على الدوام كالراعي مع ماشيته بمنعها عن أكل ما لا يُباح، وإن هي استحلَت الشَّرّ فلا تُطل لها الحبل بل قيدها بقيد من قيود خوف الله الحديدية.



كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةً للمرءِ قاتلةً *** من حيثُ لَم يَدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ



ولا تغتر ببلاغتها وقوة حجتها عند مخاصمتها فكم حسنت القبيح وقبحت الحسن حتى وقع في هاوية الهلاك من غره معسول قولها وعظيم دهائها.



واخَش الدَّسائِس مِن جوعٍ ومن شبَعٍ *** فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ من التُّخَمِ



وهي ماكرة مخادعة إذا رأت منك الشدة عليها دسّت لك ما يُخادعك ويلين من شدتك كالجوع الداعي إلى الإقدام على ارتكاب المحرمات كالسرقة والغدر، والشبع المؤدي إلى البطر والكبر والزنا وشرب الخمر.



واستَفرِغ الدَّمعَ من عين قد امتَلأت *** مِنَ المَحارِمٍ والزَمْ حِميَةَ النَّدَمِ



فإذا غلبت النفس وقهرت دسائسها فارجع إلى الله بالتوبة واذرف الدمع من عين طالما نظرت إلى المحرمات ولم تخش بارئ السماوات.



وخالف النَّفس والشيطان واعصهما *** وإن هما محَّضاك النُّصح فاتّهِمِ





ولا تنسى شريك النفسِ الذي يُغريها إذا تهاونت، ويحثها إذا تباطأت وهو الشيطان. فنصيحتي إليك أن لا تركن إلى واحدٍ منهما وأن تهمهما في كلِّ نصيحةٍ يُقدمانها إليك مهما ظهر لك صلاحها.



ولا تُطِع منهما خصماً ولا حكما *** فأنت تعرفُ كيدَ الخصم والحَكَمِ



وأسيء الظنَّ بهما على الدوام، سواء من ظهر منهما بمظهر الخصومة لك ومن تظاهر بالورع والتقوى واحتلال منصة العدالة، فكلاهما غير مؤتمن، لأنهما تحالفا على الإيقاع بك.



أستغفرُ الله من قولٍ بِلا عملٍ *** لقد نَسَبتُ به نسلاً لِذي عُقُم ِ



هنا يتذكَّر النَّاظم رحمه الله تعالى قوله تعالى {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أنْ تَقولوا ما لا تَفْعَلون} فأستغفر الله وقال ما نسبة هذه النَّصائح الغالية والأقوال الجميلةِ إليّ إلا كنسبة ولدٍ لِعَقيم لا يلد وكبر مقتاً عند الله أن يلحق الإنسان ولدا بغير أبيه وأمه.



أمرتُكَ الخير لكن ما ائتمرتُ به *** وما استقمتُ فما قولي لك استقِمِ



وكيف لا أستغفر الله وقد أمرتك بفعل الخير وأنا بعيد عنه، وحثثتك على لزوم الاستقامة وأنا لم أستقم بعد، وما زلت حائداً عن سبيل الرَّشاد.



ولا تزوَّدتُ قبل الموت نافلةً *** ولم أصلِّ سوى فرضٍ ولم أصُمِ



وأين أنا من الاستقامة وما تزودت قبل موتي بِنافلةٍ من الصلاة والصيام، إذ لم أصلِّ ولم أصُم سوى ما فرض الله عليَّ.





في مدح النبيّ صلى الله عليه وسلم





ظَلَمْتُ سنةَ من أحيَى الظلامَ إلى *** أنِ اشتكَت قدماهُ الضُّرَّ من وَرَمِ



يقول: نعم ما صليت ولا صمت سوى ما فرضه الله علي، فظلمت سنَّة من أحيى الظلام راكعاً ساجداً إلى أن اشتكت قدماه ضر الورم، مع أنه منزه عن النقائص محلى بالنفائس ومع هذا أدعي محبته صلى الله عليه وسلم وأرجو شفاعته.



وشَدَّ من شَغَبٍ أحشائَهُ وطوى *** تَحتَ الحِجارةِ كَشحاً مُتْرَفَ الأَدَمِ



ولا أدري كيف يكون ذلك وأنا أنام ليلا وألهو نهاراً وأتثاقل في تأدية الواجبات اغتراراً. أتناول ما لذَّ وطاب، وكم من جائع ليس له من يدي سوى الطعان والضراب، والذي أدّعي حبه قد شدّ من الجوع أحشائه، وضغط بالحجر الصلب أمعائه لا من قلة ولا لبخل أو علة، ولكن ليسن لنا سنة الزهد في الدنيا حتى لا تلهينا بزخرفها، فنعرض عن الآخرة ونقبل عليها فنكون من الهالكين، وحب الدنيا رأس كل خطيئة.



وراوَدَتهُ الجِبالُ الشُّمَّ مِنْ ذَهَبٍ *** عن نَفسِهِ فأراها أيَّما شَممِ



والدليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد غير الزهد في الدنيا، أن الجبال عرضت عليه أن تكون له ذهباً فأبى وما كان عليه في الإجابة من حرج غير أن العصمة وهي من أخص صفاته تمنع صاحبها من المباحات.



وأكَّدَتْ زُهدَهُ فيها ضَرورتُهُ *** إنَّ الضرورة لا تَعْدُو على العِصَمِ



ومما يؤكد أنه ما فعل ذلك إلا زهداً أنه أبى قبول أن تكون الجبال له ذهبا وهو لا يملك درهما واحدا يمكنه من مشترى ما يزيل به جوعه، وشدة الجوع ضرورة قصوى، ولكن الضرورة لا تتغلب على العصمة التي منحه الله إياها.



محمدٌ سيّدُ الكونَيْنِ والثقل *** نِ والفريقينِ مِن عُربٍ ومن عَجَمِ



ومن ذا الذي تحلى بهذه الصفات وجمع هذه الكمالات وطبع على هذه المكارم؟ هو محمد سيد الإنس والجن والعرب والعجم مبعث الهدي والنور لسائر الأُمَم صلى الله عليه وسلَّم.



نَبِيُّنا الآمِرُ الناهي فلا أحَدٌ *** أبَرَّ في قولٍ لا مِنْهُ ولا نَعَمِِ



هو نبينا الذي صدقنا برسالته وأمرنا بالعمل بشريعته واقتفاء سيرته الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، الصادق الوعد الذي لا يوجد في الخلق أوفى منه إذا قال لا أو نعم.



هو الحبيبُ الذي تُرجى شفاعتهُ *** لِكٌلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقتَحَمِ



وهو حبيبنا الذي لا يصل إلى مركز حبه أحد سواه، وكيف لا وهو هادينا وشفيعنا وملجؤنا في حياتنا.



دعا إلى اللهِ فالمُستَمسِكونَ بهِ *** مُسْتَمسِكونَ بِحَبلٍ غيرِ مُنْفَصِمِ



جاءته الرسالة فدعا الخلق إلى الله، فمن أجاب دعوته وعمل بشريعته وسار على سنته تمسك بسبب قوي من أسباب النجاة لن يضيع من تمسك به.



فاقَ النَّبيينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ*** ولم يُدانوهُ في عِلمٍ ولا كَرَمٍ



فاق النبيين في الخلقِ والخُلُق وهم مع تحليهم بصفة النبوة والرسالة لم يقاربوه لا فيما منحهُ الله من علمٍ ولا فيما خصَّه الله من كرم فهو أعلم الخلقِ وأكرمهم على الإطلاق.



وكُلُّهُم من رسولِ اللهِ مُلتَمِسٌ*** غَرفاٌ من البحرِ أو رشفاً من الدِّيَمِ



وكيف يدانونه في صفةٍ من صفاته وكلهم من فيض بحرٍ معرفته وغناه مقتبس كلٌّ على قدر ما وهبه الله جلَّ وعلا غرفاً من البحرِ أو رشفاً من مياه الأمطار أي كثيرا أو قليلاً.



وواقفون لديهِ عندَ حَدِّهِم*** من نُقطَةِ العِلمِ أو من شكلَةِ الحِكَمِ



فجميعهم واقفون بالنسبةِ إليه عند حدِّهم مُعتَرفون له بالتَّقَدُّم والفضلِ، ومن أولى منهم بالاعتراف بالفضلِ لِصاحبه.



فهوَ الذي تَمَّ معناهُ وصورَتُهُ*** ثُمَّ اصطفاهُ حبيباً بارئ النَّسَمِ



فهو الوحيد في المخلوقين الذي كمَّلهُ الله ذاتاً وصِفات. وأدباً وكمالاً ثُمَّ اختاره حبيباً ورسولاً واسطة بينه وبين خلقه يُخرجهم من الظُّلمات إلى النُّور فهو عين الكمال ونبراس الهدى ومهبط الوحي فلو تمثلت جميع الكمالات صورة لما تعدَّت ذاته.



منزَّهٌ عن شريكٍ في محاسِنِهِ*** فَجَوهَرُ الحُسنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمِ



فهو المخلوق الوحيد الذي نزَّهه الله عن مشاركة مخلوق له في مميِّزاته ومحاسنه.



دَعْ ما ادَّعَتْهُ النصارى في نبيِّهمِ *** واحكم بِما شِئْتَ مَدحاً فيهِ واحتَكمِ



فيا من تريد وصفه كف عما لا قدرة لك عليه. لأنك لن توفيه بعض ما يجب له من الوصف الذي يليق بمكانته عند ربه. ولكن إذا أصررت على المدح فلا تجعله لله شريكاً كما فعل النصارى مع سيدنا عيسى، وبالغ في وصفه بما شئت فلست بموفيه حقه عليك ولو أفنيت البحار مدادا والأشجار أقلاماً. وكيف لا وهذه آياته البينات ما زالت تهدي الأمم إلى ما لم تكن تعلم خاضعة لقول الله تعالى (أولم يتفكروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله) وقوله (ويخلق ما لا تعلمون).



وانسب إلى ذاتِهِ ما شئت من شَرَفٍ *** وانسُبْ إلى قَدرِهِ ما شِئتَ مِنْ عِظَمِ



فانسب كل شرف علمته وكل عظم في القدر والجلال والفضل أدركته إلى ذاته الشريفة، فليس بعد ذاته وقدره ما يصح إسناد كل شرف وعظم إليه.



فإنَّ فضلَ رسول الله ليسَ لَهُ *** حدٌّ فَيُعْرِبُ عنهُ ناطقٌ بفَمِ



كرر في المدح ما شئت ونوِّع في المعاني وتلاعب بالألفاظ على قدر ما وهبك الله من علم وفهم فستعترف في النهاية بالعجز عن بلوغ فضل لا حد له حتى يعبر عنه ناطق بفم. لأن فضله فوق مدارك العقول البشرية.



لو ناسَبَتْ قَدرَهُ آياتُهُ عِظماً *** أحي اسمُهُ حينَ يُدعى دارِسَ الرَّممِ



ولئن بهرت العالم معجزاته وحيرت العقول آياته فكل ذلك صغير بالنسبة إليه لأن الله سبحانه وتعالى لو أعطاه من المعجزات ما يناسب قدره لأحي اسمه الأجساد البالية حين ينادي به عندها.



لم يَمْتَحِنَّا بما تَعيَى العقولُ بهِ *** حِرصاً علينا فَلَمْ نَرتَبْ وَلَم نَهِمِ



يقول: غير أنَّ الله سبحانه وتعالى فضلاً منه تكريماً لهذه الأمّة لطف بنا فلم يُعطِهِ من المُعجزات ما يكون سبب فتنتنا. كما افتتن قوم عيسى بإحيائه للموتى فجعلوه لله شريكا. فالحمد لله على نعمائه. والشكر له على أن جعلنا من اتباعه.



أعيَى الوَرى فَهْمُ معناه فليسَ يُرى *** للقُربِ والبُعدِ فيهِ غيرُ مُنفَحِمِ



فهو صلى الله عليه وسلَّم معنى غامض استأثر الله بمعرفة حقيقته فأعيى جميع الخلق فهمه فما سعى أحد وراء الوقوف على حقيقته إلا وعاد بعد الجهد مقراً بالعجز معترفاً بالجهلِ.



كالشَّمسِ تظهَر للعَيْنينِ مِن بُعُدٍ *** صَغيرَةً وتكِلُّ الطَّرفَ منْ أَمَمٍ



وذلك انه يظهر بداهة بشر مثل سائر البشر امتاز بالرسالة وأكرم بالنبوة ولكن متى شرع الإنسان في تحليل أخلاقه ومطالعة سيرته وجده بشراً غير البشر الذي درس أخلاقه وعلم طباعه فهو شيء عظيم استأثر الله بعلم ما حوى من جلال وجمال وكمال.



وكيفَ يُدرِكُ في الدُّنيا حقيقَتَهُ *** قَومٌ نِيامٌ تَسَلَّوْا عَنْهُ بِالحُلُمِ



فمن العبث وهو كما وصفنا أن يسعى إلى الوصول إلى فهم حقيقته قومٌ نِيام عن التفكير في ملكوت السموات والأرض. فلم تصف نفوسهم من أدران البشرية الخاطئة ولم تشتمل بنيران الملكية المعصومة.



فَمَبْلَغُ العِلْمِ فيهِ أنَّهُ بَشَرٌ *** وأنَّهُ خَيْرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِمِ



فغاية علم البشر فيه أنه بشر مثلهم وأنه خير خلق الله على الإطلاق.



وكلُّ آيٍ أتى الرُّسلُ الكرامُ بها *** فإنما اتصلَتْ مِن نورهِ بِهِمِ



يقول: وكل معجزات باهرات أيّد الله بها الأنبياء السابقين في دعواهم إنما هي مقتبسة من نوره صلى الله عليه وسلم.



فانه شمسُ فضلٍ هُم كواكِبُها *** يُظهِرنَ أنوارها للنَّاسِ في الظُّلَمِ



لأنه شمس الكون الحقيقية وهم كواكبها. ولهذا كان صلى الله عليه وسلم فضل الهداية من لدن آدم حتى قيام الساعة.



أكرِم بِخُلْقِ نبيٍّ زانَهُ خُلُقٌ *** بالحُسنِ مشتَمِلٍ بالبِشرِ مُتَّسِمِ



فأكرِم به من نبيّ تحلى بالحُسن خَلقاً وخُلُقا ولم يفارقه البِشْر يسرا وعسرا.



كالزَّهْرِ في تَرَفٍ والبَدرِ في شَرَفٍ *** والبَحرِ في كَرَمٍ والدَّهرِ في هِمَمِ



فهو كالزهر ليناً ورِقّة، وكالبدر شرفاً وعلوا وارتفاعا. وكالبحر كرما وعطاء. وكالدهر قوة وبطشا. والغرض من هذا التشبيه تقريب المعنى للأذهان كالتشبيه في قوله تعالى: {مثلُ نوره كمشكاة فيها مصباح * المصباح في زجاجة * الزجاجة كأنها كوكب درّيٌّ يوقَدُ من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يُضيء ولو لم تمسسه نار * نور على نور}، لأن قدر النبي أعلى من أن يشبه بالزهر والبدر والبحر والدهر.



كأنَّهُ وهْوَ فَردٌ من جلالتِهِ *** في عسكَرٍ حينَ تلقاهُ وفي حَشَمِ



وهو مع هذه الصفات التي لابدَّ من الجرأة لمن يتحلى بها من البشر. إذا لقيته فردا خاله ملكا في حشمه وجنده، لما وهبه الله من هيبة وجلال.



كأنَّما اللُّؤلُؤُ المكنونُ في صَدَفٍ *** مِن مَعدِنَيْ منطِقٍ مِنْهُ ومُبتَسِمِ



ومع هيبته هذه التي تخِرّ أمامها الجبابرة فهو إذا تكلَّم خِلت الدُّرَّ يتناثر من فمه حلاوة ورقة وإذا سكت نظرت اللؤلؤ المكنون مستقراً بين شفتيه صفّاً ولمعانا. فما لآليء الصدف المكنون إذا قيست بلآليء حكمه البالغة إلا خزف فسبحان من كوَّنه وجمَّله.



لا طيبَ يَعدِلُ تُرباً ضَمَّ أعظُمَهُ *** طوبى لِمُنتشِقٍ منهُ وَمُلتَثمِ



ومن الخصائص التي ميزه الله بها أن جعله طيبا بحيث لا يوجد في العالم طيبٌ يوازي زكاء رائحة تراب مكان حوى ذاته الشريفة لأن طيبه عليه السلام طيبٌ إلهي مستمر غير منقطع وقد أكرم الله من استنشق طيبه فجعل جزاءه الجنة.





[center]في مولده عليه الصلاة والسلام[/CENTER]



أبانَ مولِدُهُ عن طيبِ عُنصرِهِ *** يا طيبَ مبتدأ منهُ ومُختَتَمِ



وقد كشف مولده عليه السلام عن قدره وجليل خطره بما حدث عند ولادته من هُويِّ الأصنام وإرعاب الأعجام فما أطيب بدأه وختامه. إذ بدأ بسيدنا إسماعيل وخُتِم بعبد الله وكلاهما ذبيح طاهر محترم من الجميع فلم يزل عليه السلام منذ آدم يتنقل من طهر إلى طهر ومن ظهر إلى ظهر. بعيداً عن سفاح الجاهلية حتى تشرفت الكائنات بظهور بدر محياه وإشراق شمس علاه.



يومٌ تَفَرَّسَ فيهِ الفُرسُ أنَّهُمُ *** قَدْ أُنذِروا بِحُلولِ البؤسِ والنِّقَمِ



ففي يوم مولده فهم الفرس فراسة بما حلَّ ببلادهم من النوائب الجسام والصدمات التي حيرت الأفهام أنهم أُنذروا بالويل والثبور وعظائم الأمور فتأهبوا لِمُلاقاة النوائب بالعزم والقوة. فلم ينفعهم عزة ولا قوة ولا عدة ولا عدد عندما ظهر من سيذهب ملكهم ويهدّ جبروتهم.



وباتَ إيوانُ كِسرى وَهْوَ مُنصَدِعٌ *** كَشَملِ أصحابِ كِسرى غير مُلتَئِمِ



وها هي بوادر فشلهم قد بدأت بتصدُّع إيوان كسرى القوي البنيان الثابت الأركان إذ لم يقو ما شيدته يد الطغيان على البقاء أمام جلال صاحب البرهان كما تشتت شمل كسرى الكثير العدد القوي العدة ذعراً ورعباً من هول ما رأى من آيات بينات.



والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ *** عليهِ والنَّهر ساهي العين من سَدَمِ



وظهرت جلية واضحة من خمود النار التي يعبدونها وهي لم تطفأ منذ آلاف السنين. وما ذلك إلا إيذاناً بانطفاء دولتهم. فوا أسفاه على من يعبدون النار من دون الواحد القهار. ووقف نهرهم عن جريانه إجلالاً لمولود بشرت به حيتانه. وحزنا لبعده عن دار هذا الذي غيَّر معالم الكفر ظهوره فأضاء ظلمات الجهالة نوره.



وساء ساوة أن غاضتْ بُحيرتُها *** ورُدَّ واردها بالغيظ حين ظَمي



وقد عم الحزن آل ساوة لما حلّ بهم البلاء بجفاف بحيرتهم التي عليها تتوقف حياتهم حتى رجع كل قاصد الري منها والغيظُ يأكل قلبه خيبة أمله وسوء منقلبه.



كأنَّ بالنَّار ما بالماء من بللٍ *** حُزناً وبالماء ما بالنَّارِ من ضَرَمِ



كأن الحال تبدل غير الحال فصار طبع النار البلل والري والانطفاء فخمد لهبها.... وصار طبع الماء الإحراق وإزالة الرطوبة فجف وزال.... أو حزن الماء والنار لعدم إسراع الفرس إلى اغتنام الخير بالتصديق بمن بشَّر الجماد بمولده.



والجِن تهتِف والأنوار ساطِعةٌ*** والحقُّ يظهرُ من معنىً ومن كَلِمِ



ماذا أصابهم حتى لم ينتبهوا إلى كل هذه الآيات وها هي الجنُّ تهتف مبشِّرة بظهور سيد الكائنات وفوق هذا كله فأنوار هذا البدر الذي انبثق في أُفق بطحاء مكة لا تخفى والبراهين الدالّة على علو كعبه وفضله متعددة قولا وفعلا فلِمَ لا تتدبرون أيها الفُرس ولِمَ لا تعقلون؟



عَموا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لم*** تُسمع وبارقَةُ الإنذار لم تُشَمِ



سرت البشر بمولد هذا العظيم في جميع الأقطار بواسطة الطير في الهواء والحيتان في الماء. والوحوش في الفضاء والجن في جميع الأرجاء ومع كل هذا فقد صمت آذان هؤلاء القوم عند سماع بشرى المبشرين. وعميت أعينهم فلم يروا سواطع النذر المتكررة. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.



من بعدِ ما أخبرَ الأقوامَ كاهنَهُمْ*** بأنَّ دينهُم المُعوَجَّ لَمْ يَقُمِ



كل هذا قد حدث من بعد ما أخبرهم كاهنهم بأن دينهم قد انهار فلن تقوم له قائمة ولن يقر له بعد اليوم قرار فلم يفدهم شيء من هذا كما لم تفدهم من كاهنهم النصيحة وهو لديهم الصادق الأمين.



وبعدما عاينوا في الأُفْقِ من شُهُبٍ*** مُنقضَّةٍ وفق ما في الأرض من صنمِ



حتى بعدما عاينوا الشهب تنقض على الأصنام التي يعبدونها وبأيديهم يصنعونها فتبتلعها.



حتى غدا عن طريق الوحيِ مُنْهَزِمٌ *** من الشَّياطينِ يقفو إثرَ مُنهَزِمِ



ورأوا من الشياطين هارباً إثر هارب فراراً من الشهب المُحرقة التي حالت بينهم وبين استراق السمع إذ كانوا يُولون الأدبار واحداً بعد واحد عن طريق الوحي والشهب تتبعهم إلى حيث يتجهون حتى بعد كل هذا لم يرجعوا عن إعراضهم ويتدبروا في مستقبلهم.



كأنهم هرباً أطفالُ أبرَهَةٍ *** أو عسكرٍ بالحصى من راحتَيْهِ رُمِى



مع أن الشياطين في هربهم كانوا من الكثرة بحيث أشبهوا أبطال أبرهة الذي جاء بجيشٍ عظيم لهدم الكعبة حين شتت الله شملهم وأهلكهم دفاعاً عنها. أو جيش الكفار في غزوة بدر وحنين حين رماه المصطفى بالحصى فكانوا من المهزومين.



نبذاً بهِ بعد تسبيحٍ ببطنِهِما *** نبذَ المُسَبِّح من أحشاءِ مُنْتَقِمِ



حيث كان الحصى يُسبِّحُ بِراحتيه عليه السلام. فكان نبذه الحصى من كفه وهو يُسبح كإلقاء الحوت سيدَنا يونُس عليه السلام من جوفه وهو يقول: لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.





في معجزاته صلى الله عليه وسلم





جاءت لدعوته الأشجار ساجدةً *** تمشي إليه على ساقٍ بِلا قَدَمِ



لما بلغ المولود الذي شرَّفَه الله بما تقدم من الدَّلائل الساطعة الدّاَلّة على عِظم منزلته عند ربه أربعين سنة اصطفاه الله نبياً وبعثه رسولا وأمره بدعوة الخَلْقِ إلى عبادة الله وحده لا يُشركون به شيئاً مع التَّصديق برسالته فامتثل الأمر ودعا الناس سِراً ثم جهراً فآمن من سبقت سعادته وأبى من حقَّت عليه شقاوته فأيده الله في أثناء ذلك بآياتٍ بيِّناتٍ تصديقاً لهُ لِئلاّ يكون للجاحدين حُجَّةً يعتمدون عليها. وهي كثيرة لا تُحصى عدداً منها دعوته الشجرة التي أتت إليه تشُقُّ الأرض شقّا حتى وصلت إليه وشهِدت برسالته إجابة له.



كأنما سطرت سطراً لما كتبت *** فروعها من; بديعِ الخط باللَّقَمِ



ولِئلا يكون في هذه المعجزة مجال لِدعوى السحر. ظهرت خطوط فروعها على وجه الأرض ظهور خط الكاتب في الصحيفة البيضاء. فرقاً بين المعجزة والسحر إذ السحر خيال لا يُرى له من الأثر الحقيقي شيء.



مِثل الغمامةِ أنّى سارَ سائرةً *** تقيه حرَّ وطيسٍ للهَجيرِ حَمىِ



ولا غرابة في سعي الشجرة إليه. إذ لا فرق بين سعي الشجرة إليه وتظليل الغمامة إياه وقاية من الشمس المحرقة في وسط الصحراء القفرة فكلاهما معجزة خارقة للعادة وقد اعترفوا بتظليل الغمامة قبل الرسالة فلم لا يعترفون بسعي الشجرة بعدها!



أقسمتُ بالقمرِ المُنشَقِّ إنَّ لَهُ *** من قلبه نِسْبَةً مبرورة القَسَمِ



وإني لأُقسم بالقمر الذي انشق له انشقاقاً محسوسا كما شق جبريل صدره الشريف شقاً حقيقيا، أقسم أنَّ بين انشقاق قلبه وانشقاق القمر نسبة لا مماراة فيها ولا إيهام.



وما حوى الغار من خيرٍ ومن كَرَمٍ *** وكُلُّ طرْفٍ من الكُفّار عنهُ عَمِي



وأقسم بما حوى الغار من خير ومن كرم عميت عيون الكفار عن الاهتداء إليه.



فالصِّدْقُ في الغار والصّدِّيقُ لَم يَرما *** وهُم يقولون ما بالغار مِن أرِمِ



إن النبي صلى الله عليه وسلم والصدّيق أبا بكر في الغار لم يبرحاه. وعمي الأبصار والبصائر ممن يبحثون عنهما يقولون ما بالغار أحد.



ظنّوا الحمامَ وظنّوا العنكبوتَ على *** خيرِ البرِيَّةِ لَمْ تَنْسُجْ وَلَمْ تَحُمِ



كبر على عقولهم الناقصة أن يُمكن الله العناكب من نسج خيوطها والحمام من طرح بيضها في بعض يوم. دفاعا عنه وصديقه إذ هما في الغار. فينصرهما العزيز القهار. وهما ضعيفان أعزلان لا حول لهما إلا بالله. وما هي إلا آية أيده الله بها لإنكارهم سعي الشجرة وانشقاق القمر، حقا إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.



وقاية الله أغنت عن مُضاعفةٍ *** مِن الدُّروعِ وعن عالٍ من الأُطُم



فيا أيها الأغبياء البلهاء، لا تعدوا ذلك مستحيلا لأنَّ العناكب والحمام سببان ظاهريان والفاعل في الحقيقة هو الله بقدرته العلية. وما إسناد الفعل لهذه المخلوقات الضعيفة إلا استهزاء بجبروتكم وتعجيزاً لقوتكم وحطّاً لكرامتكم التي تدعونها. وليس تصديق هذا بكبير عليكم لو رجعتم إلى العقل وخالفتم الشيطان لأنكم شاهدتموه بأعينكم ولمستموه بأيديكم... وإنه ليسير علينا التصديق به على السماع دون المشاهدة فما لكم لا تؤمنون؟ فبعدا للقوم الكافرين.. اللهم إني آمنت وصدقت بأن وقاية الله بهذين الحيوانين الضعيفين أشد وأعظم من وقاية الحصون المنيعة والدروع المضاعفة.



ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بِهِ ***إلاّ ونِلتُ جِواراً مِنهُ لَمْ يُضَمِ



أقسمت بما مرّ جميعه أنني ما وقعت في شدة ولا ضرني أمر واستجرت بهذا الرسول إلا ونلت ما رجوت ونجوت مما خفت بما له عند الله من مكانة. حتى ازددت إيماناً به ويقيناً بصدق دعوته. إن كان بعد تصديق المؤمن ويقينه مزيد.



ولا التمسْتُ غنى الدّارينِ من يَدِهِ *** إلاّ استَلَمْتُ النَّدى مِنْ خيرِ مُسْتَلَمِ



ولا عضني الدهر وجردني الفقر وأزعجتني المعاصي والتمست غنى الدارين منه صلى الله عليه وسلم إلا استلمت عطاء جما وخيرا عميما من كريم، وتلك شيمة العرب العرباء فما بالك بسيد الأنبياء.



لا تُنكرِ الوَحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُ*** قلباً إذا نامتِ العينانِ لَمْ يَنَمِ



فمتى علمت ما وهبه الله في صِغره من جميل الخصال كالأدب في اليتم والعلم مع الأُمية وتظليل الغمام وإزعاج الأعجام وتكسير الأصنام. فلا تُنكر أن رؤياه وحي من عند الله إذ هو ليس مثلي ومثلك لأنه إذا نامت عيناه فقلبه لا ينام. فما يراه في منامه حق لا خيال فيه ولا إيهام.



وذاك حين بلوغٍ من نبوتِهِ*** فليس يُنكر فيه حال مُحتلمِ



خصوصاً وأن هذه الرؤيا كانت بعد بلوغه السن التي أهلته لان يكون نبياً ورسولا وهاديا وواسطة بين الله وبين خلقه حيث تمت مداركه وحيث لا تنكر رؤيا راءٍ.



تبارك اللهُ ما وحيٌ بِمُكتَسَبٍ*** ولا نبيٌّ على غيبٍ بِمُتَّهَمِ



تنزه الله عن أن يجعل وحيه تحت سلطان أية قوة روحية حتى يكتسبه من يريده بالرياضة والعبادة وتنزه عن أن يتخذ نبياً كذوبا حتى يتهم فيما يخبر به من الأمور الغيبية.



كم أبرَأَتْ وَصباً باللمسِ راحتُهُ*** وأطلقَتْ أَرِباً من رِبْقَةِ اللّمَمِ



وكيف يتهم فيما ادعاه؟ وكم أبرأت مريضا باللمس راحته. وأطلقت مخبولا مسه الجن من أسر شيطان مارد فعاد إليه عقله ورد إليه صوابه بعد الجنون.



وأحيتِ السَّنةَ الشَّهباءَ دعوتُهُ*** حتّى حَكَتْ غُرَّةً في الأعصُرِ الدُّهُمِ



وناهيك بدعوة أنقذت العرب من سنة مجدبة أهلكت الحرث والنسل. إذ جف الضرع واحترق الزرع. وكثرت الشكوى. وعظم البلاء. فإذا بغيث هاطل يأتي بدعة منه وماء منهمر يلجئ طالب الماء إلى الإسراع بالعودة إليه لطلب رفعه خوف الغرق وخشية التلف فيفعل النبي ذاك رحمة بهم وعطفا عليهم.



بِعارضٍ جادَ أو خِلتُ البطاحَ بِها *** سيبٌ من اليمِّ أوْ سيلٌ من العَرِمِ



أجاب الله دعوة الرسول بطلب الماء. فأرسل سحاباً ممطراً لم يزل يجود بماء منهمر حتى خُيل للرائي أن بمسيل الماء في الأراضي الواسعة سيباً من بحر عظيمٍ أو سيلا كسيل العرم.





في شرف القرءان ومدحه

Khasidah Burdah Busiri.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شرح بردة البوصيري

الأستاذ محمد رضوان أحمد




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وبعد:

يقول الشارح الأستاذ محمد رضوان أحمد:









مقدمة شرح بُردة الأُستاذ البوصيري



الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الوجود. وشرفنا بإتباع صاحب الركوع والسجود. فكنا بهذه التبعية من الغُر المحجلين. شرفاً وتميزا لنا عن سائر الأمم يوم الدين. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين النبي الأمي القرشي الهاشمي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه التابعين أما بعد:

فقد اطلعت على شرح بردة الأستاذ البوصيري. للأستاذ الشيخ عبد الحميد حسين. فأعجبتني طريقته وسرني اختصاره غير أنني وجدت فيه إبهاما في العبارة لجنوحه إلى حسن التركيب وبلاغة التشبيه مما يعسر على البسطاء فهمه. ويبعد على قليل الإدراك علمه. فدفعني هذا إلى كتابة شرح سهل العبارة قريب المعنى بعيد عن التعطيل.

فشرعت في هذا الشرح مستمدا من الفيض الإلهي والعطف النبوي فجاء بحمد الله موافقا للمرام، دالا على أن مثلي مع ما به من عجز لا يكتبه إلا بالهام. والدليل على أن هذا الشرح كان بالهام انجازه في أوقات فراغي في يومين كاملين وبإحدى عيني رمَدٌ حُجبَ ضوئها مدة شهرين. والدليل على قبوله إن شاء الله عود الشفاء لعيني المريضة عقب الانتهاء من كتابته مع موافقة فراغي منها أذان عصر يوم الخميس الموافق 27 من رمضان سنة 1350 للهجرة بقول المؤذن الله أكبر الله أكبر. فكان فألاً حسناً وبشرى مُعجلة ولا شك عندي في أن هذا من توفيق الله ورعاية رسوله. جعله الله أثراً صالحاً وخلد ذكره كما خلد ذكر البردة بجاه الممدوح وبركة المادح حتى لا أُحرم من دعوة صالحة من فَم طاهر.

وقد اهتم بتصحيحه أخي في الله الأستاذ عبد الرزاق أفندي منصور، بلغه الله مراده وكافأه بالقبول والله تعالى أسأل أن لا يحرم أحداً ممن يعمل على نشره بين العباد من جزيل تعطف وعظيم عطيات وواسع رحماته آمين.



ترجمة الأستاذ محمد بن سعيد البوصيري رضي الله عنه



هو الإمام العلامة العارف بالله الصادق في محبة رسول الله. سيدي محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن عبد الله بن صنهاج بن هلال الصنهاجي (نسبة إلى صنهاجه بلدة ببلاد البربر بالمغرب الأقصى) كان أحد أبويه من دلاص والآخر من بوصير. وهما قريتان من قرى صعيد مصر فنسب إليهما فقيل له الدلاصيري ولكنه شُهر بعد ذلك بالبوصيري.

وكان مولده في الأولى ومرباه في الثانية. ولد رحمه الله بدلاص في أول شوال سنة 608 هجرية وتوفي سنة 695 ودفن بالإسكندرية فكان عمره حين وفاته 87 سنة. تعلم في صباه الكتابة والقراءة وحفظ القرءان الكريم وتلقى مبادئ العلوم وتدرج في علم الأدب والكتابة فبرز في الشعر والنثر تبريزا حببه إلى حكام مصر فولوه بعض الأعمال الكتابية في مديرية الشرقية ببلبيس وقد كان في أول عهده يسلك في شعره مسالك الشعراء من مدح وذم وشكوى. ولكنه في كهولته تزهد واتصل بالإمام الواصل العارف بالله سيدي أبي العباس أحمد بن عمر المرسي الأنصاري مريد سيدي عبد السلام بن مشيش الحسني فصفت نفسه وصلح أمره وخلص لعبادة ربه. وفُتحَ عليه في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم فمدحه بقصائد تزهو على شعر الفحول بالسهولة والجمال والجلال طار بها صيته وخلد بها ذكره.

فمنها البردة وهي (القصيدة الميمية) التي نحن بصدد شرحها والتي نظمها في علة أصابته فبريء منها بسببها إذ أنشدها على رسول الله في المنام فخلع عليه بردته الشريفة ومسح على جسده فعوفي لوقته ومنها الهمزية التي جمعت سيرة النبي مفصلة وغيرهما مما هو مشهورٌ معروف لدى الخاص والعام نفعنا الله بالممدوح والمادح في دار الدنيا ودار السلام... آمين.







مدخل





إن المحب الصادق في محبته لا يُسرُ بشيء، سروره بذكر محبوبه ولا يرتاح لحديث، راحته لمن يتحدث إليه في شأن من شؤون هذا المحبوب ولو كان هذا الحديث من فم ناصح أو لائم كما قال القائل:

أعد ذكر من أهوى ولو بملام **** فإن أحاديث الحبيب مُدامي

والأستاذ البوصيري محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم صادق في محبته. وشاعرٌ قوي الوجدان لا يضارعه غيره في شاعريته. أخذ قلمه وكتب يتغنى بذكر محبوبه الأعظم صلى الله عليه وسلم. ينوع الذكر فقال: وقد سالت دموعه وزاد لهيب شوقه يُسائل نفسه أو متصورا شخصاً يسأله عن داعي حزنه وبكائه. أمن تذكر الخ...



أمنْ تذكر جيرانٍ بذي سلمٍ *** مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بدمِ



أتذكرت أملك ومنتهى ما تصبو إليه نفسك بتلك الأماكن النائية التي عجزت عن الوصول إليها فبكيت هذا البكاء الحار الذي امتزج فيه دمعك بدمك؟



أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ *** وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضمِ





أم هبت الريح من جهة هذه الديار فشممت شذا أنفاس الحبيب. أومض البرق فذكرت بريق ثغر. فيه ماء حياتك ومنبع ارتوائك؟



فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتا *** وما لقلبك إن قلت استفق يهمِ





ما لك لا تجيب، أتظن أن سكوتك هذا يخفي ما عندك من حب. وإذا سلمنا أنك غير محب فما لعينيك أن زجرتهما عن البُكاء لا تكفان. وما لقلبك إن قلت له ارجع إلى طريق الهدى يعصك ويظل هيمان؟



أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتمٌ *** ما بين منسجم منه ومضْطَّرمِ



أحسبت أن حبك يخفى على الناس، وقد ظهر بهذا الدمع المُنسكب والقلب المُلتهب؟



لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ *** ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلمِ



لولا الهوى يا صاح لم ترق هذه الدموع ، ولا حُرمت لذيذ النوم لذكرى ديار نائية ليست لك بوطن، ولا كنت في واد وعقلك في واد.



فكيف تنكر حباً بعد ما شهدتْ *** به عليك عدول الدمع والسقمِ



فيا عجباً من إنكارك الحب، وقد شهد به عليك شاهد عدل إن أصررتَ على الكتمان، كان فيهما ما ينفي كل شك، هما الدمع والسقم، وفوق هذا لدينا حجة أُخرى، هي أن دمعك سبق سقمك، ولو سبق الضعف الدمع لتوهمنا أن الدمع نتيجة الألم، فما فائدة كتمانك وقد قامت عليك الحجة ولزمك الدليل؟.





وأثبت الوجد خطى عبرة وضنى *** مثل البَهار على خديك والعنم



وزيادة عن كلّ ما تقدم من أدلة فقد أكد لنا وجدَك علامتان محسوستان هما اصفرار وجهك واحمرار دمعك وهما من علامات العشاق، فأولى بك الاعتراف لعل الله الذي ابتلاك أن يهدينا إلى مداواتك بما يزيل علاتك.



نعم سرى طيف من أهوى فأرَّقني *** والحبُّ يعتَرضُ اللّذات بالألم





أما وقد ظهر حبي بما لا سبيل معه إلى الإنكار، فنعم يا صاح، سرى خيال حبيبي فنبهني من سبات الفكر فيه إلى يقظة الحرمان منه إذ فرحتُ بإقباله فأسرعت للقائه، فإذا أنا في مكاني وهو حيث أعلم فما أشأم عجلتي التي قطعت لذيذ أحلامي ولكن هي سنة الحب فإن من طبعه أن يقطع أسباب اللذات بسيف الألم، وهكذا كان معي إذ حرصت على التَّمتُّع بجماله، فحال بيني وبين خياله.



يا لائمي في الهوى العُذري معذرة *** مني إليك ولو أنصفت لم تَلُم



لما أقر بحبه أحس بخطئه في إذاعته سره فوجه معذرته إلى من يتوقع منه اللوم على الحب فقال يا لائمي في اعترافي بهواي البريء من كل شين إني أعتذر إليك فيما فرط مني. ولو أنصفتني ما وجهت إلي أي لوم.





عدتك حالي لا سرّي بمُستَتر *** عن الوُشاة ولا دائي بمُنحَسم



لأن سري قد أفشاه الدمع، ودائي لا دواء له إلا بالوَصل، وهو بعيد الحصول لعُلُو مقام المحبوب وبعد داره، فحالي تتطلب الرحمة.



محضتَني النُّصحَ لكنْ لستُ أسمعه *** إنَّ المُحبَ عن العُذّال في صَمَم



أنت أخلصت لي النصيحة إذ خطأتني في اعترافي بحبي، أو استرسالي في طريق هلاكي ، غير أنني مع علمي بحُسن نيتك أعتبر نُصحك عذلاً ما دام ينهاني عن التَّفوه بذكر من أحببت فلن اسمع لك لأنني محب وأُذُن المحب عن العُذال صمَّاء .



إنّي اتَّهَمْتُ نصيحَ الشَّيب في عَذل *** والشَّيبُ أبعدُ في نُصح عن التُّهَم



فلا يسؤك إعراضي عن نُصحك فقد اتهمت ما هو بعيد عن كل شبهة في نصيحة منك وهو الشيب فقد أنذرني بقرب الأجل وحثني على ترك الأمل ورغَّبني في صالح العمل فتماديت في الغرور ولازمت الشرور اعتمادا على أن الله غفور.





في التحذير من هوى النفس





فإنَّ أمَّارتي بِالسّوءِ ما اتَّعَظَتْ *** مِنْ جَهلِها بِنَذيرِ الشَّيْبِ والهَرَمِ



وماذا أصنع بنفسي التي تأمر بالشرّ وتنهى عن الخير حتى مع تذكيرها بالموت ببياض الشعر. وضعف الجسم والبصر.



ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعل الجَميلِ قِرى *** ضيْفٍ ألمَّ بِرأسي غيرَ مُحتَشِمِ



فها هي لم ترجع عن المحرمات، ولم تَرعَوِ لقرب الممات ولا أعدّت من فعل الخير والطاعة ما يليق بإكرام هذا الضيف الذي نزل برأسي بغير استئذان.



لو كنتُ أعلمُ أنّي ما أُوَقِّرُهُ *** كَتَمْتُ سِرّاً بدا لي منهُ بالكَتمِ



ولو كنت أعلم أنني سأهينه هذه الإهانة، ولا أحترمه بالإقبال على الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه لواريته عن العيون بالسواد احتراماً له وحفظاً لِكرامته، ولكنه عمي الشباب وضلال الغرور.



من لي بِردِّ جِمَاحٍٍ مِن غَوايَتِها *** كما يُرَدُّ جِماحُ الخَيْلِ باللُّجُمِ

فلا تَرُم بالمَعاصي كَسْرَ شَهْوَتِها *** إنَّ الطّعامَ يُقَوّي شَهوَةَ النَّهِمِ



فمن هذا الذي يرشدني إلى من يرد نفسي عن فيافي الظلم إلى حظيرة الهدى ولو استعمل في سبيل ذلك ما يستعمله الفارس في إزالة اعوجاج فرسه من العُنف والشِّدة. من هذا الذي يفعل ذلك حتى ألجأ إليه وألقي أزمتي بين يديه؟ أأتركها تهيم في وادي المعاصي حتى تسأمها فتعود إلى الطاعة مستعذبة موردها غير منحرفة عنها أمّاذا أفعل؟ ومن يضمن لي رجوعها والطعام يقوي شهوة الشره إلى الإكثار منه؟



والنُّفس كالطِّفلِ إن تُهملهُ شَبَّ على *** حُبِّ الرَّضاعِ وإن تَفطِمهُ ينفطِمِ



وما ذلك إلا لأن نفس الإنسان كالطفل الصغير إن أهملتَها سارت في طريق الشَّر الذي يُلائم طبعها وإن زجرتها ومنعتها امتنعت كما أنك إذا طاوعت الطفل كلما طلب الرضاع كبر وهو مُكِبٌّ عليه وإن فطمته انفطم ورجع.



فاصرِفْ هواها وحاذِر أن تُوَلّيَهُ *** إن الهوى ما تولَّى يُصْمِ أو يَصِمِ



فلا تُجِب طلباتها فمن سار وراء هوى نفسه هلك أو ضاع شرفه وكلاهما أمرٌ عظيم وخطبٌ جسيم.



وراعِها وهي في الأعمال سائمةٌ *** وإنْ هي استَحلَتِ المرعى فلا تسمِ



وكن معها على الدوام كالراعي مع ماشيته بمنعها عن أكل ما لا يُباح، وإن هي استحلَت الشَّرّ فلا تُطل لها الحبل بل قيدها بقيد من قيود خوف الله الحديدية.



كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةً للمرءِ قاتلةً *** من حيثُ لَم يَدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ



ولا تغتر ببلاغتها وقوة حجتها عند مخاصمتها فكم حسنت القبيح وقبحت الحسن حتى وقع في هاوية الهلاك من غره معسول قولها وعظيم دهائها.



واخَش الدَّسائِس مِن جوعٍ ومن شبَعٍ *** فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ من التُّخَمِ



وهي ماكرة مخادعة إذا رأت منك الشدة عليها دسّت لك ما يُخادعك ويلين من شدتك كالجوع الداعي إلى الإقدام على ارتكاب المحرمات كالسرقة والغدر، والشبع المؤدي إلى البطر والكبر والزنا وشرب الخمر.



واستَفرِغ الدَّمعَ من عين قد امتَلأت *** مِنَ المَحارِمٍ والزَمْ حِميَةَ النَّدَمِ



فإذا غلبت النفس وقهرت دسائسها فارجع إلى الله بالتوبة واذرف الدمع من عين طالما نظرت إلى المحرمات ولم تخش بارئ السماوات.



وخالف النَّفس والشيطان واعصهما *** وإن هما محَّضاك النُّصح فاتّهِمِ





ولا تنسى شريك النفسِ الذي يُغريها إذا تهاونت، ويحثها إذا تباطأت وهو الشيطان. فنصيحتي إليك أن لا تركن إلى واحدٍ منهما وأن تهمهما في كلِّ نصيحةٍ يُقدمانها إليك مهما ظهر لك صلاحها.



ولا تُطِع منهما خصماً ولا حكما *** فأنت تعرفُ كيدَ الخصم والحَكَمِ



وأسيء الظنَّ بهما على الدوام، سواء من ظهر منهما بمظهر الخصومة لك ومن تظاهر بالورع والتقوى واحتلال منصة العدالة، فكلاهما غير مؤتمن، لأنهما تحالفا على الإيقاع بك.



أستغفرُ الله من قولٍ بِلا عملٍ *** لقد نَسَبتُ به نسلاً لِذي عُقُم ِ



هنا يتذكَّر النَّاظم رحمه الله تعالى قوله تعالى {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أنْ تَقولوا ما لا تَفْعَلون} فأستغفر الله وقال ما نسبة هذه النَّصائح الغالية والأقوال الجميلةِ إليّ إلا كنسبة ولدٍ لِعَقيم لا يلد وكبر مقتاً عند الله أن يلحق الإنسان ولدا بغير أبيه وأمه.



أمرتُكَ الخير لكن ما ائتمرتُ به *** وما استقمتُ فما قولي لك استقِمِ



وكيف لا أستغفر الله وقد أمرتك بفعل الخير وأنا بعيد عنه، وحثثتك على لزوم الاستقامة وأنا لم أستقم بعد، وما زلت حائداً عن سبيل الرَّشاد.



ولا تزوَّدتُ قبل الموت نافلةً *** ولم أصلِّ سوى فرضٍ ولم أصُمِ



وأين أنا من الاستقامة وما تزودت قبل موتي بِنافلةٍ من الصلاة والصيام، إذ لم أصلِّ ولم أصُم سوى ما فرض الله عليَّ.





في مدح النبيّ صلى الله عليه وسلم





ظَلَمْتُ سنةَ من أحيَى الظلامَ إلى *** أنِ اشتكَت قدماهُ الضُّرَّ من وَرَمِ



يقول: نعم ما صليت ولا صمت سوى ما فرضه الله علي، فظلمت سنَّة من أحيى الظلام راكعاً ساجداً إلى أن اشتكت قدماه ضر الورم، مع أنه منزه عن النقائص محلى بالنفائس ومع هذا أدعي محبته صلى الله عليه وسلم وأرجو شفاعته.



وشَدَّ من شَغَبٍ أحشائَهُ وطوى *** تَحتَ الحِجارةِ كَشحاً مُتْرَفَ الأَدَمِ



ولا أدري كيف يكون ذلك وأنا أنام ليلا وألهو نهاراً وأتثاقل في تأدية الواجبات اغتراراً. أتناول ما لذَّ وطاب، وكم من جائع ليس له من يدي سوى الطعان والضراب، والذي أدّعي حبه قد شدّ من الجوع أحشائه، وضغط بالحجر الصلب أمعائه لا من قلة ولا لبخل أو علة، ولكن ليسن لنا سنة الزهد في الدنيا حتى لا تلهينا بزخرفها، فنعرض عن الآخرة ونقبل عليها فنكون من الهالكين، وحب الدنيا رأس كل خطيئة.



وراوَدَتهُ الجِبالُ الشُّمَّ مِنْ ذَهَبٍ *** عن نَفسِهِ فأراها أيَّما شَممِ



والدليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد غير الزهد في الدنيا، أن الجبال عرضت عليه أن تكون له ذهباً فأبى وما كان عليه في الإجابة من حرج غير أن العصمة وهي من أخص صفاته تمنع صاحبها من المباحات.



وأكَّدَتْ زُهدَهُ فيها ضَرورتُهُ *** إنَّ الضرورة لا تَعْدُو على العِصَمِ



ومما يؤكد أنه ما فعل ذلك إلا زهداً أنه أبى قبول أن تكون الجبال له ذهبا وهو لا يملك درهما واحدا يمكنه من مشترى ما يزيل به جوعه، وشدة الجوع ضرورة قصوى، ولكن الضرورة لا تتغلب على العصمة التي منحه الله إياها.



محمدٌ سيّدُ الكونَيْنِ والثقل *** نِ والفريقينِ مِن عُربٍ ومن عَجَمِ



ومن ذا الذي تحلى بهذه الصفات وجمع هذه الكمالات وطبع على هذه المكارم؟ هو محمد سيد الإنس والجن والعرب والعجم مبعث الهدي والنور لسائر الأُمَم صلى الله عليه وسلَّم.



نَبِيُّنا الآمِرُ الناهي فلا أحَدٌ *** أبَرَّ في قولٍ لا مِنْهُ ولا نَعَمِِ



هو نبينا الذي صدقنا برسالته وأمرنا بالعمل بشريعته واقتفاء سيرته الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، الصادق الوعد الذي لا يوجد في الخلق أوفى منه إذا قال لا أو نعم.



هو الحبيبُ الذي تُرجى شفاعتهُ *** لِكٌلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقتَحَمِ



وهو حبيبنا الذي لا يصل إلى مركز حبه أحد سواه، وكيف لا وهو هادينا وشفيعنا وملجؤنا في حياتنا.



دعا إلى اللهِ فالمُستَمسِكونَ بهِ *** مُسْتَمسِكونَ بِحَبلٍ غيرِ مُنْفَصِمِ



جاءته الرسالة فدعا الخلق إلى الله، فمن أجاب دعوته وعمل بشريعته وسار على سنته تمسك بسبب قوي من أسباب النجاة لن يضيع من تمسك به.



فاقَ النَّبيينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ*** ولم يُدانوهُ في عِلمٍ ولا كَرَمٍ



فاق النبيين في الخلقِ والخُلُق وهم مع تحليهم بصفة النبوة والرسالة لم يقاربوه لا فيما منحهُ الله من علمٍ ولا فيما خصَّه الله من كرم فهو أعلم الخلقِ وأكرمهم على الإطلاق.



وكُلُّهُم من رسولِ اللهِ مُلتَمِسٌ*** غَرفاٌ من البحرِ أو رشفاً من الدِّيَمِ



وكيف يدانونه في صفةٍ من صفاته وكلهم من فيض بحرٍ معرفته وغناه مقتبس كلٌّ على قدر ما وهبه الله جلَّ وعلا غرفاً من البحرِ أو رشفاً من مياه الأمطار أي كثيرا أو قليلاً.



وواقفون لديهِ عندَ حَدِّهِم*** من نُقطَةِ العِلمِ أو من شكلَةِ الحِكَمِ



فجميعهم واقفون بالنسبةِ إليه عند حدِّهم مُعتَرفون له بالتَّقَدُّم والفضلِ، ومن أولى منهم بالاعتراف بالفضلِ لِصاحبه.



فهوَ الذي تَمَّ معناهُ وصورَتُهُ*** ثُمَّ اصطفاهُ حبيباً بارئ النَّسَمِ



فهو الوحيد في المخلوقين الذي كمَّلهُ الله ذاتاً وصِفات. وأدباً وكمالاً ثُمَّ اختاره حبيباً ورسولاً واسطة بينه وبين خلقه يُخرجهم من الظُّلمات إلى النُّور فهو عين الكمال ونبراس الهدى ومهبط الوحي فلو تمثلت جميع الكمالات صورة لما تعدَّت ذاته.



منزَّهٌ عن شريكٍ في محاسِنِهِ*** فَجَوهَرُ الحُسنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمِ



فهو المخلوق الوحيد الذي نزَّهه الله عن مشاركة مخلوق له في مميِّزاته ومحاسنه.



دَعْ ما ادَّعَتْهُ النصارى في نبيِّهمِ *** واحكم بِما شِئْتَ مَدحاً فيهِ واحتَكمِ



فيا من تريد وصفه كف عما لا قدرة لك عليه. لأنك لن توفيه بعض ما يجب له من الوصف الذي يليق بمكانته عند ربه. ولكن إذا أصررت على المدح فلا تجعله لله شريكاً كما فعل النصارى مع سيدنا عيسى، وبالغ في وصفه بما شئت فلست بموفيه حقه عليك ولو أفنيت البحار مدادا والأشجار أقلاماً. وكيف لا وهذه آياته البينات ما زالت تهدي الأمم إلى ما لم تكن تعلم خاضعة لقول الله تعالى (أولم يتفكروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله) وقوله (ويخلق ما لا تعلمون).



وانسب إلى ذاتِهِ ما شئت من شَرَفٍ *** وانسُبْ إلى قَدرِهِ ما شِئتَ مِنْ عِظَمِ



فانسب كل شرف علمته وكل عظم في القدر والجلال والفضل أدركته إلى ذاته الشريفة، فليس بعد ذاته وقدره ما يصح إسناد كل شرف وعظم إليه.



فإنَّ فضلَ رسول الله ليسَ لَهُ *** حدٌّ فَيُعْرِبُ عنهُ ناطقٌ بفَمِ



كرر في المدح ما شئت ونوِّع في المعاني وتلاعب بالألفاظ على قدر ما وهبك الله من علم وفهم فستعترف في النهاية بالعجز عن بلوغ فضل لا حد له حتى يعبر عنه ناطق بفم. لأن فضله فوق مدارك العقول البشرية.



لو ناسَبَتْ قَدرَهُ آياتُهُ عِظماً *** أحي اسمُهُ حينَ يُدعى دارِسَ الرَّممِ



ولئن بهرت العالم معجزاته وحيرت العقول آياته فكل ذلك صغير بالنسبة إليه لأن الله سبحانه وتعالى لو أعطاه من المعجزات ما يناسب قدره لأحي اسمه الأجساد البالية حين ينادي به عندها.



لم يَمْتَحِنَّا بما تَعيَى العقولُ بهِ *** حِرصاً علينا فَلَمْ نَرتَبْ وَلَم نَهِمِ



يقول: غير أنَّ الله سبحانه وتعالى فضلاً منه تكريماً لهذه الأمّة لطف بنا فلم يُعطِهِ من المُعجزات ما يكون سبب فتنتنا. كما افتتن قوم عيسى بإحيائه للموتى فجعلوه لله شريكا. فالحمد لله على نعمائه. والشكر له على أن جعلنا من اتباعه.



أعيَى الوَرى فَهْمُ معناه فليسَ يُرى *** للقُربِ والبُعدِ فيهِ غيرُ مُنفَحِمِ



فهو صلى الله عليه وسلَّم معنى غامض استأثر الله بمعرفة حقيقته فأعيى جميع الخلق فهمه فما سعى أحد وراء الوقوف على حقيقته إلا وعاد بعد الجهد مقراً بالعجز معترفاً بالجهلِ.



كالشَّمسِ تظهَر للعَيْنينِ مِن بُعُدٍ *** صَغيرَةً وتكِلُّ الطَّرفَ منْ أَمَمٍ



وذلك انه يظهر بداهة بشر مثل سائر البشر امتاز بالرسالة وأكرم بالنبوة ولكن متى شرع الإنسان في تحليل أخلاقه ومطالعة سيرته وجده بشراً غير البشر الذي درس أخلاقه وعلم طباعه فهو شيء عظيم استأثر الله بعلم ما حوى من جلال وجمال وكمال.



وكيفَ يُدرِكُ في الدُّنيا حقيقَتَهُ *** قَومٌ نِيامٌ تَسَلَّوْا عَنْهُ بِالحُلُمِ



فمن العبث وهو كما وصفنا أن يسعى إلى الوصول إلى فهم حقيقته قومٌ نِيام عن التفكير في ملكوت السموات والأرض. فلم تصف نفوسهم من أدران البشرية الخاطئة ولم تشتمل بنيران الملكية المعصومة.



فَمَبْلَغُ العِلْمِ فيهِ أنَّهُ بَشَرٌ *** وأنَّهُ خَيْرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِمِ



فغاية علم البشر فيه أنه بشر مثلهم وأنه خير خلق الله على الإطلاق.



وكلُّ آيٍ أتى الرُّسلُ الكرامُ بها *** فإنما اتصلَتْ مِن نورهِ بِهِمِ



يقول: وكل معجزات باهرات أيّد الله بها الأنبياء السابقين في دعواهم إنما هي مقتبسة من نوره صلى الله عليه وسلم.



فانه شمسُ فضلٍ هُم كواكِبُها *** يُظهِرنَ أنوارها للنَّاسِ في الظُّلَمِ



لأنه شمس الكون الحقيقية وهم كواكبها. ولهذا كان صلى الله عليه وسلم فضل الهداية من لدن آدم حتى قيام الساعة.



أكرِم بِخُلْقِ نبيٍّ زانَهُ خُلُقٌ *** بالحُسنِ مشتَمِلٍ بالبِشرِ مُتَّسِمِ



فأكرِم به من نبيّ تحلى بالحُسن خَلقاً وخُلُقا ولم يفارقه البِشْر يسرا وعسرا.



كالزَّهْرِ في تَرَفٍ والبَدرِ في شَرَفٍ *** والبَحرِ في كَرَمٍ والدَّهرِ في هِمَمِ



فهو كالزهر ليناً ورِقّة، وكالبدر شرفاً وعلوا وارتفاعا. وكالبحر كرما وعطاء. وكالدهر قوة وبطشا. والغرض من هذا التشبيه تقريب المعنى للأذهان كالتشبيه في قوله تعالى: {مثلُ نوره كمشكاة فيها مصباح * المصباح في زجاجة * الزجاجة كأنها كوكب درّيٌّ يوقَدُ من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يُضيء ولو لم تمسسه نار * نور على نور}، لأن قدر النبي أعلى من أن يشبه بالزهر والبدر والبحر والدهر.



كأنَّهُ وهْوَ فَردٌ من جلالتِهِ *** في عسكَرٍ حينَ تلقاهُ وفي حَشَمِ



وهو مع هذه الصفات التي لابدَّ من الجرأة لمن يتحلى بها من البشر. إذا لقيته فردا خاله ملكا في حشمه وجنده، لما وهبه الله من هيبة وجلال.



كأنَّما اللُّؤلُؤُ المكنونُ في صَدَفٍ *** مِن مَعدِنَيْ منطِقٍ مِنْهُ ومُبتَسِمِ



ومع هيبته هذه التي تخِرّ أمامها الجبابرة فهو إذا تكلَّم خِلت الدُّرَّ يتناثر من فمه حلاوة ورقة وإذا سكت نظرت اللؤلؤ المكنون مستقراً بين شفتيه صفّاً ولمعانا. فما لآليء الصدف المكنون إذا قيست بلآليء حكمه البالغة إلا خزف فسبحان من كوَّنه وجمَّله.



لا طيبَ يَعدِلُ تُرباً ضَمَّ أعظُمَهُ *** طوبى لِمُنتشِقٍ منهُ وَمُلتَثمِ



ومن الخصائص التي ميزه الله بها أن جعله طيبا بحيث لا يوجد في العالم طيبٌ يوازي زكاء رائحة تراب مكان حوى ذاته الشريفة لأن طيبه عليه السلام طيبٌ إلهي مستمر غير منقطع وقد أكرم الله من استنشق طيبه فجعل جزاءه الجنة.





[center]في مولده عليه الصلاة والسلام[/CENTER]



أبانَ مولِدُهُ عن طيبِ عُنصرِهِ *** يا طيبَ مبتدأ منهُ ومُختَتَمِ



وقد كشف مولده عليه السلام عن قدره وجليل خطره بما حدث عند ولادته من هُويِّ الأصنام وإرعاب الأعجام فما أطيب بدأه وختامه. إذ بدأ بسيدنا إسماعيل وخُتِم بعبد الله وكلاهما ذبيح طاهر محترم من الجميع فلم يزل عليه السلام منذ آدم يتنقل من طهر إلى طهر ومن ظهر إلى ظهر. بعيداً عن سفاح الجاهلية حتى تشرفت الكائنات بظهور بدر محياه وإشراق شمس علاه.



يومٌ تَفَرَّسَ فيهِ الفُرسُ أنَّهُمُ *** قَدْ أُنذِروا بِحُلولِ البؤسِ والنِّقَمِ



ففي يوم مولده فهم الفرس فراسة بما حلَّ ببلادهم من النوائب الجسام والصدمات التي حيرت الأفهام أنهم أُنذروا بالويل والثبور وعظائم الأمور فتأهبوا لِمُلاقاة النوائب بالعزم والقوة. فلم ينفعهم عزة ولا قوة ولا عدة ولا عدد عندما ظهر من سيذهب ملكهم ويهدّ جبروتهم.



وباتَ إيوانُ كِسرى وَهْوَ مُنصَدِعٌ *** كَشَملِ أصحابِ كِسرى غير مُلتَئِمِ



وها هي بوادر فشلهم قد بدأت بتصدُّع إيوان كسرى القوي البنيان الثابت الأركان إذ لم يقو ما شيدته يد الطغيان على البقاء أمام جلال صاحب البرهان كما تشتت شمل كسرى الكثير العدد القوي العدة ذعراً ورعباً من هول ما رأى من آيات بينات.



والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ *** عليهِ والنَّهر ساهي العين من سَدَمِ



وظهرت جلية واضحة من خمود النار التي يعبدونها وهي لم تطفأ منذ آلاف السنين. وما ذلك إلا إيذاناً بانطفاء دولتهم. فوا أسفاه على من يعبدون النار من دون الواحد القهار. ووقف نهرهم عن جريانه إجلالاً لمولود بشرت به حيتانه. وحزنا لبعده عن دار هذا الذي غيَّر معالم الكفر ظهوره فأضاء ظلمات الجهالة نوره.



وساء ساوة أن غاضتْ بُحيرتُها *** ورُدَّ واردها بالغيظ حين ظَمي



وقد عم الحزن آل ساوة لما حلّ بهم البلاء بجفاف بحيرتهم التي عليها تتوقف حياتهم حتى رجع كل قاصد الري منها والغيظُ يأكل قلبه خيبة أمله وسوء منقلبه.



كأنَّ بالنَّار ما بالماء من بللٍ *** حُزناً وبالماء ما بالنَّارِ من ضَرَمِ



كأن الحال تبدل غير الحال فصار طبع النار البلل والري والانطفاء فخمد لهبها.... وصار طبع الماء الإحراق وإزالة الرطوبة فجف وزال.... أو حزن الماء والنار لعدم إسراع الفرس إلى اغتنام الخير بالتصديق بمن بشَّر الجماد بمولده.



والجِن تهتِف والأنوار ساطِعةٌ*** والحقُّ يظهرُ من معنىً ومن كَلِمِ



ماذا أصابهم حتى لم ينتبهوا إلى كل هذه الآيات وها هي الجنُّ تهتف مبشِّرة بظهور سيد الكائنات وفوق هذا كله فأنوار هذا البدر الذي انبثق في أُفق بطحاء مكة لا تخفى والبراهين الدالّة على علو كعبه وفضله متعددة قولا وفعلا فلِمَ لا تتدبرون أيها الفُرس ولِمَ لا تعقلون؟



عَموا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لم*** تُسمع وبارقَةُ الإنذار لم تُشَمِ



سرت البشر بمولد هذا العظيم في جميع الأقطار بواسطة الطير في الهواء والحيتان في الماء. والوحوش في الفضاء والجن في جميع الأرجاء ومع كل هذا فقد صمت آذان هؤلاء القوم عند سماع بشرى المبشرين. وعميت أعينهم فلم يروا سواطع النذر المتكررة. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.



من بعدِ ما أخبرَ الأقوامَ كاهنَهُمْ*** بأنَّ دينهُم المُعوَجَّ لَمْ يَقُمِ



كل هذا قد حدث من بعد ما أخبرهم كاهنهم بأن دينهم قد انهار فلن تقوم له قائمة ولن يقر له بعد اليوم قرار فلم يفدهم شيء من هذا كما لم تفدهم من كاهنهم النصيحة وهو لديهم الصادق الأمين.



وبعدما عاينوا في الأُفْقِ من شُهُبٍ*** مُنقضَّةٍ وفق ما في الأرض من صنمِ



حتى بعدما عاينوا الشهب تنقض على الأصنام التي يعبدونها وبأيديهم يصنعونها فتبتلعها.



حتى غدا عن طريق الوحيِ مُنْهَزِمٌ *** من الشَّياطينِ يقفو إثرَ مُنهَزِمِ



ورأوا من الشياطين هارباً إثر هارب فراراً من الشهب المُحرقة التي حالت بينهم وبين استراق السمع إذ كانوا يُولون الأدبار واحداً بعد واحد عن طريق الوحي والشهب تتبعهم إلى حيث يتجهون حتى بعد كل هذا لم يرجعوا عن إعراضهم ويتدبروا في مستقبلهم.



كأنهم هرباً أطفالُ أبرَهَةٍ *** أو عسكرٍ بالحصى من راحتَيْهِ رُمِى



مع أن الشياطين في هربهم كانوا من الكثرة بحيث أشبهوا أبطال أبرهة الذي جاء بجيشٍ عظيم لهدم الكعبة حين شتت الله شملهم وأهلكهم دفاعاً عنها. أو جيش الكفار في غزوة بدر وحنين حين رماه المصطفى بالحصى فكانوا من المهزومين.



نبذاً بهِ بعد تسبيحٍ ببطنِهِما *** نبذَ المُسَبِّح من أحشاءِ مُنْتَقِمِ



حيث كان الحصى يُسبِّحُ بِراحتيه عليه السلام. فكان نبذه الحصى من كفه وهو يُسبح كإلقاء الحوت سيدَنا يونُس عليه السلام من جوفه وهو يقول: لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.





في معجزاته صلى الله عليه وسلم





جاءت لدعوته الأشجار ساجدةً *** تمشي إليه على ساقٍ بِلا قَدَمِ



لما بلغ المولود الذي شرَّفَه الله بما تقدم من الدَّلائل الساطعة الدّاَلّة على عِظم منزلته عند ربه أربعين سنة اصطفاه الله نبياً وبعثه رسولا وأمره بدعوة الخَلْقِ إلى عبادة الله وحده لا يُشركون به شيئاً مع التَّصديق برسالته فامتثل الأمر ودعا الناس سِراً ثم جهراً فآمن من سبقت سعادته وأبى من حقَّت عليه شقاوته فأيده الله في أثناء ذلك بآياتٍ بيِّناتٍ تصديقاً لهُ لِئلاّ يكون للجاحدين حُجَّةً يعتمدون عليها. وهي كثيرة لا تُحصى عدداً منها دعوته الشجرة التي أتت إليه تشُقُّ الأرض شقّا حتى وصلت إليه وشهِدت برسالته إجابة له.



كأنما سطرت سطراً لما كتبت *** فروعها من بديعِ الخط باللَّقَمِ



ولِئلا يكون في هذه المعجزة مجال لِدعوى السحر. ظهرت خطوط فروعها على وجه الأرض ظهور خط الكاتب في الصحيفة البيضاء. فرقاً بين المعجزة والسحر إذ السحر خيال لا يُرى له من الأثر الحقيقي شيء.



مِثل الغمامةِ أنّى سارَ سائرةً *** تقيه حرَّ وطيسٍ للهَجيرِ حَمىِ



ولا غرابة في سعي الشجرة إليه. إذ لا فرق بين سعي الشجرة إليه وتظليل الغمامة إياه وقاية من الشمس المحرقة في وسط الصحراء القفرة فكلاهما معجزة خارقة للعادة وقد اعترفوا بتظليل الغمامة قبل الرسالة فلم لا يعترفون بسعي الشجرة بعدها!



أقسمتُ بالقمرِ المُنشَقِّ إنَّ لَهُ *** من قلبه نِسْبَةً مبرورة القَسَمِ



وإني لأُقسم بالقمر الذي انشق له انشقاقاً محسوسا كما شق جبريل صدره الشريف شقاً حقيقيا، أقسم أنَّ بين انشقاق قلبه وانشقاق القمر نسبة لا مماراة فيها ولا إيهام.



وما حوى الغار من خيرٍ ومن كَرَمٍ *** وكُلُّ طرْفٍ من الكُفّار عنهُ عَمِي



وأقسم بما حوى الغار من خير ومن كرم عميت عيون الكفار عن الاهتداء إليه.



فالصِّدْقُ في الغار والصّدِّيقُ لَم يَرما *** وهُم يقولون ما بالغار مِن أرِمِ



إن النبي صلى الله عليه وسلم والصدّيق أبا بكر في الغار لم يبرحاه. وعمي الأبصار والبصائر ممن يبحثون عنهما يقولون ما بالغار أحد.



ظنّوا الحمامَ وظنّوا العنكبوتَ على *** خيرِ البرِيَّةِ لَمْ تَنْسُجْ وَلَمْ تَحُمِ



كبر على عقولهم الناقصة أن يُمكن الله العناكب من نسج خيوطها والحمام من طرح بيضها في بعض يوم. دفاعا عنه وصديقه إذ هما في الغار. فينصرهما العزيز القهار. وهما ضعيفان أعزلان لا حول لهما إلا بالله. وما هي إلا آية أيده الله بها لإنكارهم سعي الشجرة وانشقاق القمر، حقا إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.



وقاية الله أغنت عن مُضاعفةٍ *** مِن الدُّروعِ وعن عالٍ من الأُطُم



فيا أيها الأغبياء البلهاء، لا تعدوا ذلك مستحيلا لأنَّ العناكب والحمام سببان ظاهريان والفاعل في الحقيقة هو الله بقدرته العلية. وما إسناد الفعل لهذه المخلوقات الضعيفة إلا استهزاء بجبروتكم وتعجيزاً لقوتكم وحطّاً لكرامتكم التي تدعونها. وليس تصديق هذا بكبير عليكم لو رجعتم إلى العقل وخالفتم الشيطان لأنكم شاهدتموه بأعينكم ولمستموه بأيديكم... وإنه ليسير علينا التصديق به على السماع دون المشاهدة فما لكم لا تؤمنون؟ فبعدا للقوم الكافرين.. اللهم إني آمنت وصدقت بأن وقاية الله بهذين الحيوانين الضعيفين أشد وأعظم من وقاية الحصون المنيعة والدروع المضاعفة.



ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بِهِ ***إلاّ ونِلتُ جِواراً مِنهُ لَمْ يُضَمِ



أقسمت بما مرّ جميعه أنني ما وقعت في شدة ولا ضرني أمر واستجرت بهذا الرسول إلا ونلت ما رجوت ونجوت مما خفت بما له عند الله من مكانة. حتى ازددت إيماناً به ويقيناً بصدق دعوته. إن كان بعد تصديق المؤمن ويقينه مزيد.



ولا التمسْتُ غنى الدّارينِ من يَدِهِ *** إلاّ استَلَمْتُ النَّدى مِنْ خيرِ مُسْتَلَمِ



ولا عضني الدهر وجردني الفقر وأزعجتني المعاصي والتمست غنى الدارين منه صلى الله عليه وسلم إلا استلمت عطاء جما وخيرا عميما من كريم، وتلك شيمة العرب العرباء فما بالك بسيد الأنبياء.



لا تُنكرِ الوَحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُ*** قلباً إذا نامتِ العينانِ لَمْ يَنَمِ



فمتى علمت ما وهبه الله في صِغره من جميل الخصال كالأدب في اليتم والعلم مع الأُمية وتظليل الغمام وإزعاج الأعجام وتكسير الأصنام. فلا تُنكر أن رؤياه وحي من عند الله إذ هو ليس مثلي ومثلك لأنه إذا نامت عيناه فقلبه لا ينام. فما يراه في منامه حق لا خيال فيه ولا إيهام.



وذاك حين بلوغٍ من نبوتِهِ*** فليس يُنكر فيه حال مُحتلمِ



خصوصاً وأن هذه الرؤيا كانت بعد بلوغه السن التي أهلته لان يكون نبياً ورسولا وهاديا وواسطة بين الله وبين خلقه حيث تمت مداركه وحيث لا تنكر رؤيا راءٍ.



تبارك اللهُ ما وحيٌ بِمُكتَسَبٍ*** ولا نبيٌّ على غيبٍ بِمُتَّهَمِ



تنزه الله عن أن يجعل وحيه تحت سلطان أية قوة روحية حتى يكتسبه من يريده بالرياضة والعبادة وتنزه عن أن يتخذ نبياً كذوبا حتى يتهم فيما يخبر به من الأمور الغيبية.



كم أبرَأَتْ وَصباً باللمسِ راحتُهُ*** وأطلقَتْ أَرِباً من رِبْقَةِ اللّمَمِ



وكيف يتهم فيما ادعاه؟ وكم أبرأت مريضا باللمس راحته. وأطلقت مخبولا مسه الجن من أسر شيطان مارد فعاد إليه عقله ورد إليه صوابه بعد الجنون.



وأحيتِ السَّنةَ الشَّهباءَ دعوتُهُ*** حتّى حَكَتْ غُرَّةً في الأعصُرِ الدُّهُمِ



وناهيك بدعوة أنقذت العرب من سنة مجدبة أهلكت الحرث والنسل. إذ جف الضرع واحترق الزرع. وكثرت الشكوى. وعظم البلاء. فإذا بغيث هاطل يأتي بدعة منه وماء منهمر يلجئ طالب الماء إلى الإسراع بالعودة إليه لطلب رفعه خوف الغرق وخشية التلف فيفعل النبي ذاك رحمة بهم وعطفا عليهم.



بِعارضٍ جادَ أو خِلتُ البطاحَ بِها *** سيبٌ من اليمِّ أوْ سيلٌ من العَرِمِ



أجاب الله دعوة الرسول بطلب الماء. فأرسل سحاباً ممطراً لم يزل يجود بماء منهمر حتى خُيل للرائي أن بمسيل الماء في الأراضي الواسعة سيباً من بحر عظيمٍ أو سيلا كسيل العرم.





في ش
رف القرءان ومدحه

Selasa, 1 Disember 2009

SUMBER RUJUKKAN.

Beberapa Rujukan Lanjut Berkenaan al-Qur’an Yang Disyorkan
Rujukan bahasa Melayu dan Indonesia:[1]



1. Kunci Mengenal al-Qur’an oleh Zulkifli Mohd. Yusoff. Diterbitkan oleh Berita Publishing, K. Lumpur, 1996.



2. Pengantar Ilmu Tafsir oleh Muhammad Shalih al-‘Utsaimin. Diterjemah oleh Ummu Ismail dan diterbitkan oleh Darus Sunnah, Jakarta, 2004.



3. Sejarah Dan Dasar Pengajian Ilmu al-Qur’an oleh Muhammad Ali ash-Shabuni. Diterjemah oleh M. Junaid al Hashimi dan diterbitkan oleh al-Hidayah, K. Lumpur, 1996.



4. Membahas Ilmu-Ilmu al-Qur’an oleh Subhi ash-Shalih. Diterjemah dan diterbitkan oleh Pustaka al-Firdaus, Jakarta, 1999.



5. Manahil al-‘Urfan fi ‘Ulum al-Qur’an oleh Muhammad ‘Abdul Adzim az-Zarqani. Diterjemah oleh Qadirun Nur dan Ahmad Musyafiq dan diterbitkan oleh Gaya Media Pratama, Jakarta, 2002. (Setakat ini siap jilid pertama)



6. Aliran Yang Menyeleweng Dalam Pentafsiran al-Qur’anul Karim oleh Muhammad Hussain al-Zahabi. Diterjemah oleh Muhammad Ramzi Omar dan diterbitkan oleh Pustaka Ilmi, Batu Caves, 1999.



7. Kisah Israiliyat Dalam Tafsir Dan Hadith oleh Muhammad Hussain al-Zahabi. Diterjemah oleh Ahmad Fadilah dan diterbitkan oleh Jahabersa, Johor Bahru, 1996.



8. Membumikan al-Qur’an: Fungsi Dan Peran Wahyu Dalam Kehidupan Masyarakat oleh Muhammad Quraish Shihab. Diterbitkan oleh Mizan, Bandung, 1998.



9. Samudera al-Qur’an oleh Rosihin Anwar. Diterbitkan oleh Pustaka Setia, Bandung 2001. (Sebuah rujukan yang bermanfaat dalam menerangkan pelbagai ilmu yang berkaitan dengan al-Qur’an. Akan tetapi sayang sekali pengarangnya, semoga Allah memeliharanya dan memudahkannya untuk terus mengkaji dan menulis, tidak bersikap tegas dalam menyaring dan membezakan antara ilmu baik dan ilmu yang buruk, malah menganggap semuanya baik sebagai satu “khazanah kekayaan al-Qur’an”. Dinasihatkan agar para pembaca sekalian bersikap kritis dalam membaca buku ini).



Rujukan bahasa Inggeris:



1. ‘Ulum al-Qur’an: An Introduction To The Sciences of The Qur’an oleh Ahmad Von Denffer. Diterbitkan oleh Islamic Academy, Leicester, U.K., 1989. (Rujukan yang amat bermanfaat untuk mengenali al-Qur’an, juga sesuai dijadikan bahan rujukan dalam rangka berdakwah kepada orang bukan Islam).



2. How To Approach And Understand The Qur’an oleh Jamaluddin Zarabozo. Diterbitkan oleh al-Basheer, Boulder, U.S.A., 1999.



3. Tafseer Soorah al-Huuraat oleh Abu Ameenah Bilal Philips. Diterbitkan oleh International Islamic Publishing House, Riyadh, 1996. (Sekalipun buku ini memberi tumpuan kepada menafsirkan surah al-Hujerat, ia didahului dengan pengenalan yang amat baik kepada ilmu penafsiran al-Qur’an).



4. Variant Readings of The Qur’an: A Critical Study of Their Historical and Linguistic Origins oleh Ahmad ‘Ali al-Imam. Diterbitkan oleh The International Institute of Islamic Thought, Virginia, 1998. (Menerangkan perbezaan bacaan al-Qur’an dan sejarah pengumpulannya, juga menjawab tuduhan-tuduhan orientalis terhadap al-Qur’an).



5. The History of The Qur’anic Text From Revelation to Compilation: A Comparative Study With The Old And New Testaments oleh Muhammad Mustafa al-‘Azami. Diterbitkan oleh Islamic Academy, Leicester, U.K., 2003. (Menjawab tuduhan orientalis tentang keaslian al-Qur’an. Seterusnya tuduhan yang sama dialihkan kepada kitab The Bible itu sendiri).



6. Al-Qur’an: Should It Be Read With Understanding? Oleh Zakir Naik. Rakaman VCD yang diedarkan oleh Saba Islamic Media, K. Lumpur.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] Rujukan daripada penerbit Indonesia boleh didapati di Pustaka Indonesia yang terletak di Wisma Yakin, Jalan Masjid India, Kuala Lumpur. No tel: 03-2692 3940 atau 03-2698 1742.



:: Al-Firdaus :: Indeks ::

SAMBUNGAN BAB 6.

Bab 6: Percanggahan dalam al-Qur'an



Contoh Percanggahan # 1



Contoh Percanggahan # 2



Contoh Percanggahan # 3



Contoh Percanggahan # 4



Contoh Percanggahan # 5



Contoh Percanggahan # 6



Contoh Percanggahan # 7



Contoh Percanggahan # 8



Contoh Percanggahan # 9



Contoh Percanggahan # 10



Contoh Percanggahan # 11



Contoh Percanggahan # 12



Contoh Percanggahan # 13



Contoh Percanggahan # 14



Kaedah Menghilangkan Percanggahan Antara

Ayat-Ayat al-Qur’an.









Apabila membaca judul di atas, pasti kita akan menjadi hairan kerana di dalam al-Qur’an tidak wujud apa-apa percanggahan. Manakan tidak, bukankah Allah Subhanahu wa Ta'ala telah berfirman:

Seandainya al-Quran itu (datangnya) bukan dari sisi Allah, nescaya mereka akan dapati perselisihan yang banyak di dalamnya. [an-Nisa’ 4:82]

Akan tetapi jika kita membaca buku-buku orientalis dan melawat beberapa laman web para pendakwah Kristian, kita akan menemui bahawa mereka menuduh wujud percanggahan di dalam al-Qur’an.[1] Untuk membenarkan tuduhan tersebut, mereka telah mengemukakan banyak contoh. Contoh-contoh ini sebahagiannya kelihatan benar-benar bercanggah sehingga timbul persoalan di benak orang yang membacanya: “Benarkah tiada percanggahan di dalam al-Qur’an?”



Jawapannya: “Ya! Sememangnya tiada percanggahan di dalam al-Qur’an.” Adapun contoh-contoh percanggahan yang dikemukakan, ia wujud sama ada kerana kejahilan para penuduh itu sendiri atau kesengajaan mereka untuk menggoyang keyakinan umat Islam ke atas kitab al-Qur’an.



Melalui penulisan ini, penulis akan mengemukakan beberapa contoh percanggahan yang dituduh diikuti dengan penjelasan bagi menghilangkan percanggahan tersebut. Penulis tidak akan menjelaskan semua ayat-ayat yang dituduh saling bercanggah, akan tetapi akan memilih beberapa sahaja yang “paling hebat” percanggahannya. Di akhir penulisan ini, penulis akan menerangkan beberapa kaedah bagi menghilangkan percanggahan bagi membantu para pembaca sekalian menghilangkan percanggahan terhadap ayat-ayat lain yang tidak penulis jelaskan di sini.



Contoh Percanggahan # 1

Yang manakah dicipta terlebih dahulu, langit kemudian bumi atau bumi kemudian langit?

Dalam ayat 27-30 surah an-Nazai‘at diterangkan bahawa langit dicipta terlebih dahulu, kemudian bumi:

(Wahai golongan yang ingkarkan kebangkitan hidup semula!) Kamukah yang sukar diciptakan atau langit? Tuhan telah membinanya (dengan Kukuh)! Dia telah meninggikan bangunan langit itu lalu menyempurnakannya, Dan Dia menjadikan malamnya gelap-gelita, serta menjadikan siangnya terang-benderang. Dan bumi sesudah itu dihamparkannya (untuk kemudahan penduduknya). [an-Nazi‘at 79:27-30]



Akan tetapi dalam ayat 29 surah al-Baqarah diterangkan bahawa bumi dicipta terlebih dahulu, kemudian langit:

Dia-lah (Allah) yang menjadikan untuk kamu segala yang ada di bumi, kemudian Dia beristawa’ ke arah langit, lalu dijadikannya tujuh langit dengan sempurna dan Dia Maha Mengetahui akan tiap-tiap sesuatu. [al-Baqarah 2:29]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 1

Yang benar adalah langit dicipta terlebih dahulu, kemudian bumi sebagaimana yang diterangkan oleh surah an-Nazi‘at. Adapun surah al-Baqarah, perhatikan bahawa Allah Subhanahu wa Ta'ala tidak menyebut “kemudian Dia mencipta langit dan beristawa’ ke arahnya…” akan tetapi “kemudian Dia beristawa’ ke arah langit…” bererti langit sudah sedia wujud ketika itu. Tidak ada perkataan (خلق) “mencipta” yang digunakan untuk langit dalam surah al-Baqarah. Maka apabila Allah “menjadikan untuk kamu segala yang ada di bumi”, langit sudah sedia dicipta sebelum itu.

Oleh itu tidak ada apa-apa percanggahan melainkan salah faham ke atas ayat 29 surah al-Baqarah.





TOP





Contoh Percanggahan # 2

Siapakah yang mencabut nyawa manusia, adakah Malaikat Maut, para malaikat atau Allah?

Dalam ayat 11 surah as-Sajdah dinyatakan bahawa yang mencabut nyawa ialah Malaikat Maut:



Katakanlah: “Nyawa kamu akan diambil oleh Malikil Maut yang ditugaskan berbuat demikian ketika habis ajal kamu, kemudian kamu akan dikembalikan kepada Tuhan kamu (untuk menerima balasan).” [as-Sajdah 32:11]

Akan tetapi dalam ayat 27 surah Muhammad dinyatakan bahawa yang mencabut nyawa ialah para malaikat (ramai):

Maka bagaimanakah (mereka dapat menolak azab seksa) apabila para malaikat mengambil nyawa mereka sambil memukul muka dan punggung mereka? [Muhammad 47:27]



Sebaliknya dalam ayat 42 surah az-Zumar dinyatakan bahawa Allah yang mencabut nyawa:

Allah, Dia mengambil dan memisahkan satu-satu jiwa dari badannya, jiwa orang yang sampai ajalnya semasa matinya… [az-Zumar 39:42]





Penjelasan Bagi Percanggahan # 2

“Ketua” yang diamanahkan untuk mencabut nyawa manusia ialah Malaikat Maut [as-Sajdah 32:11]. Dia tidak bersendirian dalam tugas ini kerana dibantu oleh para malaikat yang lain [Muhammad 47:27]. Akan tetapi sama ada Malaikat Maut atau para malaikat, mereka tidak mencabut nyawa manusia sesuka hati melainkan di atas perintah Allah Subhanahu wa Ta'ala [az-Zumar 39:42].

Dalam erti kata lain, mencabut nyawa manusia adalah hak dan urusan Allah yang dilaksanakan-Nya melalui Malaikat Maut atau para malaikat yang lain. Sememangnya Allah boleh mencabut nyawa manusia tanpa melalui Malaikat Maut atau para malaikat yang lain. Akan tetapi Allah ‘Azza wa Jalla memiliki hikmah-Nya yang tersendiri yang mungkin tidak mampu difikirkan akal manusia.

Oleh itu tidak ada percanggahan di dalam ayat-ayat di atas melainkan ia saling menjelaskan antara satu sama lain.



TOP





Contoh Percanggahan # 3

Berapa kumpulan orang yang akan wujud pada Hari Akhirat, dua kumpulan atau tiga kumpulan?

Ayat 18-19 surah al-Balad menyatakan dua kumpulan, pertama di kanan dan kedua di kiri:

(Ketahuilah! Bahawa orang-orang yang beriman serta berusaha mengerjakan amal-amal yang tinggi darjatnya di sisi Tuhan), merekalah golongan pihak kanan. Dan (sebaliknya) orang-orang yang kufur ingkar akan ayat-ayat keterangan Kami, merekalah golongan pihak kiri. [al-Balad 90:18-19]



Akan tetapi ayat 7 surah al-Waqi’ah menyatakan terdapat tiga kumpulan:

Dan kamu pula menjadi tiga kumpulan. [al-Waqi’ah 56:07]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 3

Umpamakan seorang ayah sedang makan tengahari. Apabila ditanya kepada anaknya yang sulong apa yang diperbuat oleh ayahnya, dia menjawab: “Ayah sedang makan.” Apabila ditanya kepada anak yang kedua, dia menjawab: “Ayah sedang syok makan nasi gulai ikan dengan sambal belacan.” Pada zahirnya kelihatan wujud percanggahan antara keterangan anak sulung dan anak kedua. Akan tetapi sebenarnya tidak demikian, anak sulung hanya menerangkan secara umum perbuatan ayahnya manakala anak kedua memperincikannya.

Kembali kepada perbincangan asal, ayat 7 surah al-Waqi’ah sebenarnya memperincikan keumuman ayat 18-19 surah al-Balad. Surah al-Balad merujuk kepada kumpulan orang beriman di sebelah kanan dan kumpulan orang kafir di sebelah kiri. Kumpulan orang beriman di sebelah kanan seterusnya di pecahkan kepada dua kumpulan dengan dibezakan antara orang yang sederhana kedudukannya dengan yang lebih mulia kedudukannya.



Surah al-Waqi’ah selengkapnya berbunyi:

Dan kamu pula menjadi tiga kumpulan, Iaitu kumpulan pihak kanan – alangkah bahagianya keadaan kumpulan pihak kanan itu. Dan kumpulan pihak kiri – alangkah seksanya keadaan puak pihak kiri itu. Dan (kumpulan yang ketiga ialah) orang-orang yang telah mendahului (dalam mengerjakan kebaikan di dunia) yang akan mendahului (mencapai balasan yang sebaik-baiknya di Akhirat kelak), Mereka itulah orang-orang yang didampingkan (di sisi Allah). [al-Waqi’ah 56:7-11]

Oleh itu tidak ada percanggahan melainkan perincian kepada sesuatu yang umum.





TOP



Contoh Percanggahan # 4

Berapa lamakah diambil untuk mencipta alam ini, adakah 6 masa atau 8 masa?

Dalam ayat 54 surah al-A’raaf dinyatakan 6 masa:

Sesungguhnya Tuhan kamu ialah Allah yang menciptakan langit dan bumi dalam enam masa. [al-A’raaf 7:54]



Akan tetapi dalam ayat 9 hingga 12 surah Fussilat dinyatakan 8 masa, 2 masa bagi bumi, 4 masa bagi apa yang berada di atas bumi dan 2 masa lagi untuk 7 lapisan langit (2+4+2=8):

Katakanlah: “Sesungguhnya tidak patut kamu kufur kepada Tuhan yang menciptakan bumi dalam dua masa dan kamu adakan sekutu-sekutu bagiNya! Yang demikian (sifat-Nya dan kekuasaan-Nya) ialah Allah Tuhan sekalian alam.

Dan Dia menjadikan di bumi gunung-ganang yang menetapkannya (tersergam tinggi) di atasnya serta Dia melimpahkan berkat padanya dan Dia menentukan ada pada-Nya bahan-bahan keperluan hidup penduduknya sekadar yang menyamai hajat yang diminta dan dikehendaki oleh keadaan mereka, (semuanya itu berlaku) dalam empat masa.

Kemudian Dia beristawa’ ke arah langit sedang langit masih berupa asap lalu Dia berfirman kepadanya dan kepada bumi: “Turutlah kamu berdua akan perintah-Ku sama ada dengan sukarela atau dengan paksa!” Keduanya menjawab: “Kami berdua sedia menurut - patuh dengan sukarela.”

Lalu Dia menjadikannya tujuh langit dalam dua masa dan Dia memberitahu kepada tiap-tiap langit akan urusan dan keperluannya masing-masing. Dan Kami hiasi langit yang dekat (pada pandangan mata penduduk bumi) dengan bintang-bintang yang bersinar cemerlang serta memelihara langit itu dengan sebaik-baiknya. Demikianlah ketentuan Allah Yang Maha Kuasa, lagi Maha Mengetahui. [Fussilat 41:9-12]





Penjelasan Bagi Percanggahan # 4

Ayat 54 surah al-A’raaf bermaksud untuk menerangkan tempoh seluruh penciptaan manakala ayat 9-12 dalam surah Fussilat bermaksud memperincikan penciptaan tersebut kepada kategori-kategorinya yang tersendiri. Tempoh bagi setiap kategori penciptaan tidak semestinya dicampurkan untuk mendapat tempoh bagi seluruh penciptaan. Ini kerana Allah mampu melakukan dua atau lebih perkara serentak.

Oleh itu apabila Allah menerangkan penciptaan bumi selama 2 masa, apa yang berada di atas bumi selama 4 masa dan 7 lapisan langit dalam 2 masa, ia tidak berlaku secara berasingan tetapi serentak. Yang pentingnya, setiap kategori penciptaan ini tidak dimaksudkan untuk dicampurkan secara berasingan antara satu sama lain.[2] Tidak wujud apa-apa percanggahan dalam contoh di atas melainkan perincian ke atas sesuatu yang umum.





TOP



Contoh Percanggahan # 5

Adakah semua makhluk taat kepada Allah?



Ayat 26 surah ar-Rum menyatakan “Ya”:

Dan sekalian makhluk yang ada di langit dan di bumi adalah hak kepunyaan-Nya (Allah), masing-masing tetap tunduk kepada hukum peraturan-Nya. [ar-Rum 30:27]



Akan tetapi ayat 14 surah an-Nisa’ menerangkan wujud orang yang derhaka dan Allah akan mengazab dia:

Dan sesiapa yang derhaka kepada Allah dan Rasul-Nya serta melampaui batas-batas syariat-Nya, akan dimasukkan oleh Allah ke dalam api neraka, kekallah dia di dalamnya dan baginya azab seksa yang amat menghina. [an-Nisa’ 4:14]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 5

Umpamakan seorang ayah yang berkata: “Semua anak-anak mesti pergi ke sekolah pagi ini”, lalu kemudian memandang kepada salah seorang daripada mereka dan berkata: “Umar tak perlu kerana masih belum pulih daripada demam.” Dalam arahan si-ayah, kelihatan wujud percanggahan. Percanggahan ini dapat ditolak dengan memahami bahawa arahan asal bagi semua anak-anak ialah mesti pergi ke sekolah. Pengecualian diberikan kepada Umar kerana dia masih demam.

Kembali kepada perbincangan asal, ayat 26 surah ar-Rum merujuk kepada hukum asal ciptaan Allah Subhanahu wa Ta'ala, iaitu semuanya patuh kepada Allah. Ayat 14 surah an-Nisa’ menerangkan pengecualian daripada hukum asal tersebut, di mana manusia diberi pilihan sama ada untuk mengikut petunjuk Allah (Islam, al-Qur’an dan Rasul-Nya) atau mengabaikan petunjuk tersebut sehingga akhirnya mereka taat atau derhaka kepada Allah.

Pengecualian ini, atau dalam perkataan lain, kebebasan memilih diterangkan dalam sebuah ayat yang lain:

Kemudian jika datang kepada kamu petunjuk dari-Ku, maka sesiapa yang mengikut petunjuk-Ku itu nescaya dia tidak akan sesat dan dia pula tidak akan menderita azab sengsara. Dan sesiapa yang berpaling ingkar dari ingatan dan petunjuk-Ku, maka sesungguhnya adalah baginya kehidupan yang sempit, dan Kami akan himpunkan dia pada Hari Kiamat dalam keadaan buta. [Ta-Ha 20:123-124]

Oleh itu tidak wujud apa-apa percanggahan melainkan satu pengecualian daripada hukum asal.





TOP





Contoh Percanggahan # 6

Menuduh wanita suci berzina, adakah dijatuhkan hukum atau dimaafkan?

Ayat 23 surah an-Nur menjatuhkan hukuman:

Sesungguhnya orang-orang yang menuduh perempuan-perempuan yang terpelihara kehormatannya, yang tidak terlintas memikirkan sebarang kejahatan lagi yang beriman, akan dilaknat (oleh Allah) di dunia dan di akhirat dan mereka pula akan beroleh azab seksa yang besar. [an-Nur 24:23]



Ayat 4-5 surah an-Nur memaafkan mereka:

Dan orang-orang yang melemparkan tuduhan (zina) kepada perempuan yang terpelihara kehormatannya, kemudian mereka tidak membawakan empat orang saksi, maka sebatlah mereka 80 kali sebat dan janganlah kamu menerima persaksian mereka itu selama-lamanya kerana mereka adalah orang-orang yang fasik. Kecuali orang-orang yang bertaubat sesudah itu (dari kesalahan menuduh tersebut) serta memperbaiki amalannya, maka sesungguhnya Allah Maha Pengampun, lagi Maha Mengasihani. [an-Nur 24:4-5]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 6

Umpamakan seorang ibu yang memarahi anak-anaknya: “Siapa yang memecahkan pasu bunga ini cakap sekarang!” Kemudian ayah menyampuk: “Melainkan dia segera mengakui dan meminta maaf.” Kelihatan wujud percanggahan antara kata-kata ibu dan ayah. Sebenarnya tidak demikian kerana kata-kata ibu merujuk kepada hukum asal manakala kata-kata ayah membataskan kemutlakan hukum asal tersebut kepada yang enggan mengakui dan meminta maaf sahaja. Maka anak yang memecahkan pasu bunga akan dihukum melainkan dia segara mengakuinya dan meminta maaf.

Penjelasan yang sama ditujukan kepada contoh percanggahan di atas. Ayat 23 surah an-Nur merujuk kepada hukum asal di mana sesiapa yang menuduh wanita suci sebagai telah melakukan zina, mereka dijatuhkan hukuman. Ayat 4-5 bertindak sebagai membatasi kemutlakan ayat 23, di mana yang dijatuhkan hukum hanyalah terbatas kepada penuduh yang enggan bertaubat. Adapun penuduh yang bertaubat dan memperbaiki amalannya, maka dia tidak dijatuhkan hukuman.

Oleh itu tidak wujud apa-apa percanggahan melainkan pembatasan kepada sesuatu yang mutlak.





TOP





Contoh Percanggahan # 7

Beberapa kesilapan dan percanggahan nombor di dalam al-Qur’an: Adakah satu masa bersamaan dengan 50,000 tahun atau bersamaan dengan 1,000 tahun?

Dalam ayat 4 surah al-Ma‘arij diterangkan bahawa satu masa bersamaan dengan 50,000 tahun:

Yang dilalui oleh malaikat-malaikat dan Jibril ke pusat pemerintahan-Nya pada satu masa yang tempohnya 50,000 tahun. [al-Ma‘arij 70:04]



Dalam ayat 5 surah as-Sajdah diterangkan bahawa satu masa bersamaan dengan 1,000 tahun:

Allah mentadbirkan makhluk-makhluk-Nya dari langit ke bumi, kemudian diangkat naik kepada pengetahuan-Nya (segala yang berlaku) pada suatu masa yang tempohnya 1,000 tahun menurut hitungan kamu yang biasa. [as-Sajdah 32:05]



Demikian juga dalam ayat 47 surah al-Hajj diterangkan bahawa satu masa bersamaan dengan 1,000 tahun:

Dan mereka meminta kepadamu (wahai Muhammad) menyegerakan kedatangan azab, padahal Allah tidak sekali-kali akan memungkiri janji-Nya; dan (katakanlah kepada mereka): sesungguhnya satu masa di sisi Tuhanmu adalah seumpama seribu tahun dari yang kamu hitung. [al-Hajj 22:47]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 7

1,000 tahun atau 50,000 tahun, maksud yang ingin dicapai oleh ayat-ayat di atas bukanlah bilangan nombor tetapi tempoh yang panjang. Walaubagaimanapun, seandainya perhatian hendak diberi kepada nombor, ia tetap tidak saling bercanggah mahupun tersilap kepada setiap ayat di atas merujuk kepada latarbelakang peristiwa yang berbeza.

Umpamakan Ahmad yang bergerak dalam jarak 100 meter. Pada ketika pertama dia mengambil masa 15 saat manakala pada ketika yang lain dia mengambil masa 70 saat. Pada zahirnya kelihatan berbeza akan tetapi perbezaan ini akan hilang jika dikaji latarbelakang antara dua ketika tersebut. Pada ketika yang pertama, ia adalah tempoh masa yang diambil oleh Ahmad ketika mengambil bahagian dalam acara sukan pecut 100m anjuran sekolahnya. Pada ketika kedua, ia adalah tempoh masa yang yang diambil oleh Ahmad ketika bersiar-siar dengan ibunya di taman. Dalam kedua-dua ketika di atas, Ahmad bergerak dalam jarak 100 meter, akan tetapi latarbelakang yang berbeza menyebabkan dia mangambil masa yang berbeza.

Kembali kepada ayat-ayat al-Qur’an di atas, setiap ayat di atas merujuk kepada latarbelakang peristiwa yang berbeza. Satu masa yang bersamaan dengan 50,000 tahun merujuk kepada Hari Akhirat, iaitu hari yang diminta-minta azabnya oleh orang kafir. Latarbelakang ini dapat kita ketahui dengan merujuk kepada seluruh perbincangan ayat dari awal:

Salah seorang meminta kedatangan azab yang (dijanjikan) akan berlaku, azab yang disediakan untuk orang-orang yang kafir, yang tidak ada sesiapapun dapat menolak kedatangannya, Dari Allah yang menguasai tempat-tempat turun naik, yang dilalui oleh malaikat-malaikat dan Jibril ke pusat pemerintahan-Nya pada satu masa yang tempohnya 50,000 tahun. [al-Ma‘arij 70:1-4]



Adapun satu masa yang bersamaan dengan 1,000 tahun, maka ayat 5 surah as-Sajdah merujuk kepada masa di dunia kini. Manakala ayat 47 surah al-Hajj merujuk kepada “di sisi Tuhanmu (Allah)” dan ini berbeza dengan di sisi kita di dunia masa kini.

Oleh itu tidak ada kesilapan mahupun percanggahan nombor dalam ayat-ayat di atas kerana masing-masing merujuk kepada latarbelakang yang berbeza.[3]





TOP





Contoh Percanggahan # 8

Bolehkah bersoal-jawab antara satu sama lain di Hari Akhirat?



Ayat 101 surah al-Mu’minun menyatakan tidak boleh:

Kemudian apabila ditiup sangkakala, maka pada hari itu tidak ada lagi manfaat pertalian kerabat di antara mereka dan tidak pula sempat mereka bertanya-tanyaan. [al-Mu’minun 23:101]



Akan tetapi ayat 25 surah ath-Thur menyatakan boleh:

Dan mereka berhadap-hadapan satu sama lain sambil bertanya-tanya. [ath-Thur 52:25]



Ayat 27 surah ash-Shaffat juga menyatakan boleh:

Dan mereka berhadap-hadapan satu sama lain sambil bertanya-tanya. [ash-Shaffat 37:27]





Penjelasan Bagi Percanggahan # 8

Sekali lagi, percanggahan dapat dihilangkan dengan mengenal pasti latarbelakang bagi ketiga-tiga ayat di atas. Ayat 101 surah al-Mu’minun merujuk kepada suasana Hari Kiamat apabila manusia semua dibangun dan dihimpunkan bagi menghadapi pengadilan masing-masing. Suasana yang amat dahsyat ketika itu menyebabkan mereka tidak dapat bersoal-jawab sesama mereka:

Di hadapan mereka ada Alam Barzakh (alam kubur) hingga hari mereka dibangkitkan semula (pada Hari Kiamat). Kemudian apabila ditiup sangkakala, maka pada hari itu tidak ada lagi manfaat pertalian kerabat di antara mereka dan tidak pula sempat mereka bertanya-tanyaan. Maka sesiapa yang berat timbangan amal baiknya, maka mereka itulah orang-orang yang berjaya. Dan sesiapa yang ringan timbangan amal baiknya, maka merekalah orang-orang yang merugikan dirinya sendiri; mereka kekal di dalam neraka Jahannam. [al-Mu’minun 23:100-103]

Ayat 25 surah ath-Thur merujuk kepada suasana di dalam syurga. Latarbelakang ini dapat dikenali dengan merujuk kepada permulaan kisah:

Sesungguhnya orang-orang yang bertaqwa, di tempatkan dalam taman-taman Syurga dan nikmat kesenangan. Mereka bersenang lenang dengan apa yang dikurniakan oleh Tuhan mereka dan mereka dipelihara Tuhan dari azab neraka……[ath-Thur 52:17-18]



Ayat 27 surah ash-Shaffat juga merujuk kepada suasana yang berbeza, iaitu orang-orang yang bersalah dalam perjalanan ke neraka. Latarbelakang ini dapat dikenali dengan merujuk kepada permulaan kisah pada ayat 22:

(Allah berfirman kepada malaikat): “Himpunkanlah orang-orang yang zalim itu dan orang-orang yang berkeadaan seperti mereka serta benda-benda yang mereka sembah yang lain dari Allah serta hadapkanlah mereka ke jalan yang membawa ke neraka. [ash-Shaffat 37:22-23]



Oleh itu tidak wujud percanggahan kerana setiap kes merujuk kepada latarbelakang yang berbeza.





TOP





Contoh Percanggahan # 9

Adakah dosa syirik diampunkan?

Dalam ayat 48 surah an-Nisa’ dinyatakan sekali-kali tidak diampun:

Sesungguhnya Allah tidak akan mengampunkan dosa syirik mempersekutukan-Nya dan akan mengampunkan dosa yang lain dari itu bagi sesiapa yang dikehendaki-Nya (menurut aturan Syariat-Nya). Dan sesiapa yang mempersekutukan Allah maka sesungguhnya dia telah melakukan dosa yang besar. [an-Nisa’ 4:48]



Akan tetapi mengikut ayat 153 surah an-Nisa’, apabila pengikut Nabi Musa melakukan syirik dengan menyembah patung anak lembu, mereka diampunkan:

Kemudian mereka menyembah (patung) anak lembu sesudah datang kepada mereka keterangan-keterangan, lalu Kami maafkan mereka dari perbuatan yang sedemikian itu. Dan Kami telah memberi kepada Nabi Musa kekuasaan yang nyata. [an-Nisa’ 4:153]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 9

Melakukan syirik sememangnya adalah dosa besar kecuali apabila orang yang melakukannya bertaubat. Apabila dia bertaubat maka Allah Subhanahu wa Ta'ala akan mengampunkan dosa syiriknya itu. Kaum Nabi Musa yang menyembah patung anak lembu telah bertaubat lalu kerana itu Allah mengampunkan mereka. Taubat mereka tidak disebut dalam ayat 153 surah an-Nisa’ tetapi dalam ayat 148-149 surah al-A’raaf:

Dan kaum Nabi Musa, sesudah dia (pergi ke Gunung Tursina), mereka membuat dari barang-barang emas perhiasan mereka (patung) anak lembu yang bertubuh dan bersuara. (Allah berfirman): “Tidakkah mereka memikirkan bahawa patung itu tidak dapat berkata-kata dengan mereka dan tidak dapat juga menunjukkan jalan kepada mereka? Mereka menjadikannya (berhala yang disembah) dan sememangnya mereka adalah orang-orang yang melakukan kezaliman.”

Dan setelah mereka menyesal (akan apa yang mereka lakukan) dan mengetahui bahawa mereka telah sesat, berkatalah mereka: “Sesungguhnya jika Tuhan kami tidak memberi rahmat kepada kami dan mengampunkan kami, nescaya menjadilah kami dari orang-orang yang rugi.” [al-A’raaf 7:148-149]

Oleh itu tidak ada percanggahan melainkan kejahilan dalam memahami kisah sebenar perjalanan hidup kaum Nabi Musa ‘alaihissalam.





TOP





Contoh Percanggahan # 10

Adakah semua malaikat bersikap taat?

Ayat 49-50 surah an-Nahl menyatakan semua melaikat bersikap taat:

Dan bagi Allah jualah tunduk sujud apa yang ada di langit dan yang ada di bumi dari makhluk-makhluk yang bergerak serta malaikat sedang mereka (malaikat-malaikat itu) tidak berlaku sombong takbur. Mereka takut kepada Tuhan mereka yang mengatasi mereka (dengan kekuasaan-Nya) serta mereka mengerjakan apa yang diperintahkan. [an-Nahl 16:49-50]



Akan tetapi dalam ayat 34 surah al-Baqarah, apabila diperintahkan kepada para malaikat untuk sujud kepada Adam, semua malaikat sujud kecuali iblis:

Dan (ingatlah) ketika kami berfirman kepada malaikat: “Sujudlah (beri hormat) kepada Nabi Adam.” Lalu mereka sekaliannya tunduk memberi hormat melainkan Iblis; dia enggan dan takbur lalu menjadilah dia dari golongan yang kafir. [al-Baqarah 2:34]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 10

Benar bahawa semua malaikat bersikap taat kepada perintah-larangan Allah Subhanahu wa Ta'ala. Apabila diperintahkan sujud kepada Nabi Adam ‘alaihissalam, semua malaikat sujud tanpa ada yang tertinggal:

Maka sujudlah sekalian malaikat, semuanya sekali. [al-Hijr 15:30]



Adapun Iblis yang tidak sujud, ia adalah kerana dia bukan daripada jenis malaikat tetapi daripada jenis jin yang memiliki pilihan sama ada untuk bersikap taat atau tidak. Hal ini dijelaskan dalam ayat yang berasingan:

Dan (ingatkanlah peristiwa) ketika Kami berfirman kepada malaikat: “Sujudlah kamu kepada Adam”, lalu mereka sujud melainkan iblis – dia adalah daripada golongan jin. [al-Kahfi 18:50]



Timbul persoalan selanjutnya, jika iblis bukan daripada jenis malaikat, kenapa dia dihukum kerana tidak sujud kepada Adam? Bukankah perintah sujud hanya ditujukan kepada para malaikat dan bukan jin?

Jawapannya, dalam bahasa Arab apabila wujud dua kumpulan di mana satunya besar dan satu lagi kecil jumlahnya, perintah kepada kumpulan yang besar merangkumi kumpulan yang kecil juga. Pada saat itu para malaikat membentuk kumpulan yang besar manakala para jin membentuk kumpulan yang kecil. Maka apabila perintah sujud kepada Nabi Adam ‘alahissalam diseru kepada para malaikat, ia merangkumi para jin juga.

Iblis sedia mengetahui hal ini. Oleh itu apabila ditanyakan “Apakah penghalang yang menyekatmu daripada sujud ketika Aku (Allah) perintahmu?”, Iblis tidak menjawab “Aku tidak sujud kerana perintah hanya dituju kepada para malaikat manakala aku daripada para jin.” Sebaliknya iblis mengakui dia termasuk dalam perintah tersebut namun dia enggan sujud kerana merasakan dirinya lebih hebat. Perhatikan ayat-ayat berikut:

Kemudian Kami berfirman kepada malaikat-malaikat: “Sujudlah kamu kepada Adam”, lalu mereka sujud melainkan Iblis – dia tidak termasuk dalam golongan yang sujud.

Allah berfirman: “Apakah penghalang yang menyekatmu daripada sujud ketika Aku perintahmu?” Iblis menjawab: “Aku lebih baik daripada Adam. Engkau (wahai Tuhan) jadikan daku dari api sedang dia Engkau jadikan dari tanah.” [al-A’raaf 7:11-12]



Oleh itu tidak wujud percanggahan dalam ayat-ayat di atas melainkan kejahilan tentang perbezaan antara malaikat dan jin serta kaedah bahasa Arab.





TOP





Contoh Percanggahan # 11

Apakah yang sebenarnya dikatakan oleh kaum Nabi Lut untuk menolak dakwahnya?

Ayat 82 surah al-A’raaf:

Dan tidak ada jawab dari kaumnya selain daripada berkata: “Usirlah mereka (Nabi Lut dan pengikut-pengikutnya yang taat) dari bandar kamu ini, sesungguhnya mereka adalah orang-orang yang (mendakwa) mensucikan diri.” [al-A’raaf 7:82]



Ayat 56 surah an-Naml:

Maka kaumnya tidak menjawab selain dari berkata: “Usirlah ahli keluarga Lut dari bandar kamu ini; sesungguhnya mereka adalah orang-orang yang (mendakwa) mensucikan diri.” [an-Naml 27:56]



Ayat 29 surah al-Ankabut:

Maka kaumnya (Nabi Lut) tidak menjawab selain daripada berkata: “Datangkanlah kepada kami azab dari Allah (yang engkau janjikan itu) jika betul engkau dari orang-orang yang benar.” [al-Ankabut 29:29]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 11

Apabila merujuk kepada kisah-kisah nabi terdahulu di dalam al-Qur’an, perlu digariskan bahawa ia melibatkan 3 perkara:

1. Manusia yang berinteraksi,

2. Suasana interaksi tersebut berlaku dan

3. Faktor yang melatarbelakangi manusia dan

suasana tersebut.

Apabila secara zahir kelihatan seolah-olah wujud percanggahan di dalam kisah-kisah para nabi terdahulu, hendaklah ia dianalisa berdasarkan 3 perkara di atas. Ini kerana ia mungkin berlaku antara individu yang berbeza dan/atau suasana yang berbeza dan/atau disebabkan oleh faktor yang berbeza. Persamaan atau perbezaan inilah yang lazimnya menyebabkan sesuatu kisah kelihatan bercanggah.

Ucapan kaum Nabi Lut ‘alaihissalam di atas semuanya adalah benar. Perbezaan atau percanggahan wujud kerana ia disebut dalam suasana yang berlainan. Ini kerana Nabi Lut tidak menyampaikan dakwah kepada kaumnya hanya sekali tetapi berulang-kali. Setiap kali beliau menyampaikan dakwah, kaumnya menolak dengan kata-kata yang berbeza-beza sepertimana dalam ayat-ayat di atas.

Justeru perbezaan atau percanggahan dapat dihilangkan dengan menyedari bahawa ia berlaku disebabkan suasana interaksi yang berbeza.





TOP





Contoh Percanggahan # 12

Apakah yang dikata oleh Nabi Musa ‘alaihissalam ketika terlihat api di sebalik Gunung Tursina?

Ayat 10 surah Ta-Ha:

Ketika dia (Nabi Musa) melihat api, lalu berkatalah dia kepada isterinya: “Berhentilah! Sesungguhnya aku ada melihat api. Semoga aku dapat membawa kepada kamu satu cucuhan daripadanya atau aku dapat di tempat api itu penunjuk jalan.” [Ta-Ha 20:10]



Ayat 7 surah an-Naml:

(Ingatkanlah peristiwa) ketika Nabi Musa berkata kepada isterinya: “Sesungguhnya aku ada melihat api, aku akan bawakan berita dari situ kepada kamu atau aku akan bawakan colok api daripadanya supaya kamu dapat memanaskan diri.” [an-Naml 27:07]



Ayat 29 surah al-Qasas:

Setelah Musa menyempurnakan tempoh kerjanya itu dan berjalan dengan isterinya (kembali ke Mesir), dia melihat (dalam perjalanannya itu) api dari sebelah Gunung Tursina. (Ketika itu) berkatalah dia kepada isterinya: “Berhentilah! Sesungguhnya aku ada melihat api, semoga aku dapat membawa kepada kamu sesuatu berita dari situ atau sepuntung dari api itu supaya kamu dapat memanaskan diri.” [al-Qasas 28:29]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 12

Ucapan di atas semuanya dilafazkan oleh Nabi Musa ‘alahissalam dalam suasana yang sama, iaitu apabila dia terlihat api di sebalik Gunung Tursina. Akan tetapi disebabkan kegembiraan yang bercampur debaran, beliau telah berpesan kepada isterinya berulang-kali, bahawa hendaklah isterinya tunggu sebentar sementara dia pergi melihat apakah yang sebenarnya ada di sebalik Gunung Turnisa. Sekalipun lafaz pesanannya adalah berbeza tetapi maksudnya adalah sama.

Hal ini adalah sesuatu yang lazim bagi manusia di mana apabila dia dilanda kegembiraan yang bercampur debaran dan harapan, adakalanya dia mengulang-ulang sesuatu ucapan dengan lafaz yang berbeza-beza sekalipun maksud yang ingin disampaikannya adalah sama.

Inilah yang sebenarnya berlaku kepada Nabi Musa ‘alahissalam. Lebih-lebih lagi apabila dia dan isterinya sedang berjalan berduaan pada waktu malam yang sejuk. Api yang kelihatan di sebalik Gunung Tursina menimbulkan kegembiraan, dengan harapan mereka dapat menggunakannya untuk memanaskan diri (lihat di akhir an-Naml 27:07 dan al-Qasas 28:29). Namun ia juga menimbulkan debaran, siapakah yang menyalakan api tersebut, apakah tujuan dinyalakan api dan sebagainya.

Dalam contoh di atas, percanggahan dapat dihilangkan dengan merujuk kepada faktor yang melatarbelakangi peristiwa tersebut. Berlaku perbezaan dalam lafaz Nabi Musa ‘alaihissalam disebabkan kegembiraan dan debaran yang dihadapinya saat itu.





TOP





Contoh Percanggahan # 13

Apakah yang difirmankan oleh Allah kepada Nabi Musa di Gunung Tursina?

Ayat 11-12 surah Ta-Ha:

Maka apabila dia sampai ke tempat api itu (kedengaran) dia diseru: “Wahai Musa! Sesungguhnya Aku Tuhanmu! Maka bukalah kasutmu kerana engkau sekarang berada di Wadi Tuwa yang suci.” [Ta-Ha 20:11-12]



Ayat 8-9 surah an-Naml:

Maka apabila dia sampai ke tempat api itu (kedengaran) dia diseru: “Berkat yang melimpah-limpah kepada orang yang berada dekat api ini dan sesiapa yang ada (di daerah) sekelilingnya, dan Maha Sucilah Allah Tuhan sekalian alam. Wahai Musa, sesungguhnya Akulah Allah Yang Maha Kuasa, lagi Maha Bijaksana.” [an-Naml 27:8-9]



Ayat 30 surah al-Qasas:

Maka ketika dia sampai ke tempat api itu, (kedengaran) dia diseru dari tepi lembah yang di sebelah kanan, di tempat yang dilimpahi berkat, dari arah pohon kayu: “Wahai Musa, sesungguhnya Akulah Allah Tuhan sekalian alam. (Api itu hanya untuk menarik perhatian Musa ke tempat itu dan bukannya zat Allah). Dan (sekarang) campakkanlah tongkatmu.”

(Musa mencampaknya) maka apabila dia melihat tongkatnya itu (menjadi seekor ular besar) bergerak cepat tangkas seolah-olah seekor ular kecil, berpalinglah dia melarikan diri dan tidak menoleh lagi. (Lalu dia diseru): “Wahai Musa! Datanglah kemari dan janganlah engkau takut. Sesungguhnya engkau dari orang-orang yang beroleh aman.” [al-Qasas 28:30-31]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 13

Firman Allah Subhanahu wa Ta'ala dalam ayat-ayat di atas kepada Nabi Musa ‘alaihissalam semuanya berlaku dalam suasana yang sama. Akan tetapi demi memberi keyakinan kepada Nabi Musa akan perutusannya sebagai seorang Rasul, Allah mengulang-ulang firman-Nya secara berbeza-beza sekalipun maksud yang ingin disampaikan adalah sama. Hal ini adalah perlu kerana perutusan sebagai seorang Rasul bukan sahaja sesuatu yang amat besar tetapi juga tidak pernah dijangka oleh Nabi Musa.

Cara sebegini adalah sesuatu yang lazim berlaku dalam kehidupan harian kita. Untuk meyakinkan seseorang dengan sesuatu yang baru lagi besar, kita akan cuba pelbagai cara. Jika ingin menjelaskan sesuatu kepada orang lain yang masih ragu-ragu, kita akan mengulang-ulangnya dengan lafaz dan gaya penyampaian yang berbeza.

Inilah yang berlaku kepada Nabi Musa apabila dia tiba di Gunung Tursina untuk mencari api yang dilihatnya sebelum itu. Oleh itu percanggahan dapat dihilangkan dengan memahami faktor yang melatarbelakangi perbezaan lafaz firman Allah Subhanahu wa Ta'ala kepada Nabi Musa ‘alahissalam.





TOP





Contoh Percanggahan # 14

Seorang atau lebih malaikat yang datang berjumpa Maryam?

Ayat 17-21 surah Maryam menyebut seorang malaikat:

Kemudian Maryam membuat dinding untuk melindungi dirinya dari mereka. Maka Kami hantarkan kepadanya: Roh dari kami (Malaikat Jibrail) lalu dia menyamar diri kepadanya sebagai seorang lelaki yang sempurna bentuk kejadiannya. Maryam berkata: “Sesungguhnya aku berlindung kepada (Allah) Ar-Rahman daripada (gangguan) mu kalaulah engkau seorang yang bertaqwa.”

Dia (Malaikat Jibrail) berkata: “Sesungguhnya aku pesuruh Tuhanmu, untuk menyebabkanmu dikurniakan seorang anak yang suci.” [Maryam 19:17-19]



Ayat 45 surah Ali Imran menyebut para malaikat:

(Ingatlah) ketika para malaikat berkata: “Wahai Maryam! Bahawasanya Allah memberikan khabar yang menggembirakanmu dengan (mengurniakan seorang anak yang engkau akan kandungkan semata-mata dengan) Kalimah daripada Allah, nama anak itu: Al-Masih, Isa Ibni Maryam, seorang yang terkemuka di dunia dan di akhirat, dan dia juga daripada orang-orang yang didampingkan (diberi kemuliaan di sisi Allah).” [Ali Imran 3:45]



Penjelasan Bagi Percanggahan # 14

Kedua-dua ayat di atas merujuk kepada dua suasana yang berbeza. Ini kerana untuk mengkhabarkan kepada Maryam bahawa dia nanti akan hamil tanpa seorang ayah adalah sesuatu yang amat besar, malah mustahil mengikut kebiasaan manusia. Justeru untuk memberikan keyakinan dan pada waktu yang sama ketenangan kepada Maryam, hal tersebut dikhabarkan kepada beliau dua kali, iaitu melalui malaikat Jibrail ‘alaihissalam yang menjelma menjadi manusia dan melalui para malaikat. Tidaklah penting yang mana berlaku terlebih dahulu, yang mana kemudian.

Oleh itu percanggahan di atas dapat dihilangkan dengan kefahamana bahawa ia berlaku dalam dua suasana yang berbeza.



Demikianlah 14 contoh percanggahan “paling hebat” yang lazim dikemukakan oleh para orientalis dan pendakwah Kristian. Tidak dinafikan bahawa wujud banyak lagi percanggahan yang sudah dan bakal dikemukakan oleh mereka. Cara terbaik untuk menangani usaha para orientalis dan pendakwah Kristian tersebut bukanlah dengan menjawab setiap percanggahan yang mereka kemukakan, tetapi dengan mengetahui kaedah-kaedah untuk menghilangkan percanggahan tersebut.





TOP





Kaedah Menghilangkan Percanggahan Antara Ayat-Ayat al-Qur’an:

Apabila dihadapkan dengan beberapa ayat yang dituduh saling bercanggah, hendaklah:



1. Menyemak terjemahan atau maksud ayat-ayat tersebut – betulkah terdapat percanggahan di dalamnya. Kadangkala percanggahan dianggap berlaku semata-mata kerana terjemahan yang tidak tepat, pemahaman yang salah atau kata-kata yang ditokok-tambah sendiri. (Rujuk semula Contoh Percanggahan # 1)



2. Menyemak sama ada ayat-ayat tersebut sebagai saling menyokong antara satu sama lain. Ini berlaku sama ada:

Ayat-ayat tersebut saling menjelaskan antara satu sama lain (Rujuk semula Contoh Percanggahan # 2)



Satu ayat yang memperincikan keumuman ayat lain (Rujuk semula Contoh Percanggahan # 3 & 4)



Satu ayat yang mengecualikan hukum asal yang terkandung dalam ayat lain (Rujuk semula Contoh Percanggahan # 5)



Satu ayat yang membataskan kemutlakan ayat yang lain (Rujuk semula Contoh Percanggahan # 6)



3. Mengenal pasti latarbelakang ayat-ayat tersebut (Rujuk semula Contoh Percanggahan # 7 & 8)



4. Menguasai perbincangan antara ayat-ayat tersebut dan mencari penjelasan lanjut sama ada daripada ayat yang lain atau hadis Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam yang sahih (Rujuk semula Contoh Percanggahan # 9 & 10)



5. Apabila percanggahan merujuk kepada kisah-kisah nabi terdahulu, kajian ditumpukan kepada 3 perkara berikut, sama ada ianya sama atau berbeza:

Manusia yang berinteraksi,

Suasana interaksi tersebut berlaku dan

Faktor yang melatarbelakangi manusia dan suasana tersebut.









--------------------------------------------------------------------------------

[1] Tuduhan mereka ke atas al-Qur’an wujud dalam dua bentuk, dalaman (internal) dan luaran (external). Tuduhan dalaman ialah kononnya ayat-ayat al-Qur’an saling bercanggah antara satu sama lain. Tuduhan luaran ialah berkenaan keaslian al-Qur’an, merujuk kepada sejarah pembukuannya. Bagi mengenali tuduhan-tuduhan luaran ini beserta jawapannya, rujuk buku The History of The Qur’anic Text From Revelation to Compilation oleh Muhammad Mustafa al-‘Azami (Islamic Academy, Leicester 2003).

[2] Ketika mengkaji ayat 9 hingga 12 surah Fussilat ini, penulis menemui beberapa tokoh yang menjelaskan bahawa penciptaan bumi dan apa yang berada di atasnya dilakukan serentak dan kedua-duanya disiapkan tanpa melebihi 4 masa. Kemudian disiapkan 7 lapisan langit selama 2 masa. Jumlah keseluruhannya menjadi 6 masa (4+2=6).

Sekali lagi ditegaskan, pembahagian penciptaan kepada kategori masing-masing tidak dimaksudkan untuk dicampurkan antara satu sama lain agar jumlahnya menjadi 6 masa. Ini kerana jumlah 6 masa adalah tempoh yang digunakan oleh Allah Subhanahu wa Ta'ala untuk mencipta seluruh langit dan bumi. Perhatikan bahawa dalam surah Fussilat di atas, penciptaan langit tidak disebut. Daripada Contoh Percanggahan # 1 dalam penulisan ini, kita ketahui bahawa Allah mencipta langit terlebih dahulu kemudian mencipta bumi [an-Nazi‘at 79:27-30]. Selepas mencipta bumi Allah beristawa’ ke langit dan seterusnya membahagikannya kepada 7 lapisan [al-Baqarah 2:29].

Nah, jika penciptaan bumi dan apa yang berada di atasnya mengambil tempoh 4 masa dan kejadian 7 lapisan langit mengambil 2 masa dan kedua-dua ini dicampurkan menjadi 6 masa, di manakah hendak diletakkan masa penciptaan langit? Justeru sekali lagi ditekankan, pembahagian penciptaan kepada kategori masing-masing tidak dimaksudkan untuk dicampurkan antara satu sama lain agar jumlahnya menjadi 6 masa.

[3] Muhammad Shalih al-‘Utsaimin – Syarh Muqaddimah at-Tafsir li Syaikh al- Islam Ibn Taimiyyah, ms. 279-281.





:: Al-Firdaus :: Indeks ::